أما ما يكون لي عندما أقرأ القرآن، فإنه أولاً عهد الله بين يدي عباده، فالله يكلم من يقرأ القرآن، فهنيئاً لك أيها المسلم إن أردت أن تكلم الله فأحسن الصلاة، وإن أردت أن يكلمك الله فاقرأ القرآن.
كما أن لك بكل حرف في القرآن عشر حسنات، قال صلى الله عليه وسلم: (لا أقول ألف لام ميم حرف، وإنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف)، ففي قوله تعالى: {الم} [البقرة:1] ثلاثون حسنة، فانظر إلى نفسك كم اقترفت من الذنوب، فتمسحها بكثرة الحسنات، وقراءة القرآن إن شاء الله مقبولة سواء بفهم أو بغير فهم.
وقد يقول قائل: أنا أقرأ في القرآن ولا أفهم، فهل لي أجر في ذلك؟ نقول له: إن أهل العلم علمونا فقالوا: اقرأ القرآن فإن الله قادر أن ينقلك من قراءة بغير فهم إلى قراءة بفهم، فهذا الحسن البصري يقول: تعلمت القرآن من عبد الله بن مسعود -أستاذه وأستاذ علم القراءات- فلما ترقى بي الحال -بسبب القراءة والتدبر- صرت كأني أسمعه من رسول الله -هو لم ير الرسول لكن كأنه يسمعه من سيدنا الحبيب- فلما ترقى بي الحال صرت كأني أسمع جبريل يقرؤه على رسول الله، فلما ترقى بي الحال كأني أسمعه من المولى عز وجل.
ولا عجب؛ فقارئ القرآن في رقي بل يقال له يوم القيامة: اقرأ وترقى اقرأ وترقى وهو في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله! إذاًَ: يشرع الدعاء في دبر وختم القرآن، ومن ضمن الأدعية العظيمة في ختم القرآن: اللهم لا تجعلنا ممن يقرأ القرآن فيشقى، واجعلنا ممن يقرأ القرآن فيرقى، يا رب! لا تجعلني من الذي يقرأ القرآن فيشقى -لأنه يقرأ ولا يطبق- وإنما اجعلني من الذي يقرأ القرآن فيترقى بالقراءة، اللهم اجعلنا منهم يا رب العباد.
يروى أن هذا القرآن يأتي والمسلم على الصراط على هيئة النور فيعلق في رقبة من كان يقرؤه، فيخاف في أول وهلة، فيقول له: لا تخف يا عبد الله، إنني أنا القرآن شفيعك اليوم ونورك على الصراط وسوف آخذ بيدك إلى الجنة.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن يا رب العالمين.
ولكي يدرك المسلم عظمة هذا القرآن ينبغي أن يستشعر أن القرآن كالحبل طرفه بيدك والطرف الآخر بيد المولى عز وجل، وحينها لابد أن يكون متمسكاً بكتاب الله، يفزع إليه في أي أزمة أو شدة أو ضيق صدر، فيتوضأ ويقرأ سورة يوسف، ولا يشترط أن يكون حافظاً للقرآن عن ظهر قلب، فإن الذي يقرأ القرآن من المصحف بصوت له أنوار ثلاثة: نور في عينيه، ونور في لسانه، ونور في أذنيه، والذي يقرأ القرآن غيباً بصوت، له نور في لسانه ونور في أذنيه، والذي يقرأ القرآن في السر له نور في لسانه أو في القلب.
فاللهم نور بالقرآن قلوبنا وأبصارنا وأسماعنا يا رب العباد.