قال علي: الرجال أربعة: رجل يدري ويدري أنه يدري، ورجل يدري ولا يدري أنه لا يدري، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري.
فالرجل الذي يدري ويدري أنه يدري: فذلك عالم فتعلموا منه، أي: هو رجل عالم وواثق من علمه فتعلم منه.
وأما الرجل الثاني فرجل عنده تواضع وبساطة، فإنه يعلم ولكن لا يستطيع أن يوصل تلك المعلومة، وهو ما ذكره الإمام عنه أنه لا يدري أنه يدري، وفسرها بقوله: فذلك صالح فصاحبوه.
أما الرجل الثالث: فإنه لا يدري -أي: أنه جاهل- ويدري أنه لا يدري، أي أنه يعرف حدود إمكانياته ولذلك فسر حاله الإمام علي فقال: ذلك جاهل فعلموه، فإنه مادام يعرف حدود إمكانياته العلمية، فينبغي أن أعلمه.
يذكر أن أعرابياً كان شديد الحب لربه، ولكن لا يستطيع أن يعبر عن حبه لربه، فلما نزل المطر ونبت العشب أخذ حمار الأعرابي يأكل بنهم، فأراد الأعرابي أن يشكر الله عز وجل، فنظر إلى السماء وقال: وعزتك وجلالك لو كان لك حمار لتركته يرعى مع حماري لأني أحبك!! فالأعرابي يحب الله عز وجل، ولكن طريقة تعبيره خاطئة كونه لا يستطيع التعبير.
أما الرابع فإنه رجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، فهو جاهل ويجهل أنه جاهل، وهذا خطره شديد، وضرره أكيد، ولا أقل من أن يبتعد عن هذا الرجل، فإن البلاء كله فيه، فهو جاهل ولا يعرف حدود جهله، ويظن أنه يفهم كل شيء.
لقد أصبحنا في زمن اختلط حابلها بنابلها، لا يعرف فيها الصواب من الخطأ.