الدرجة الأولى من أجل أن أدخل على الله: التوبة.
والتوبة في أبسط معانيها تنظيف للعبد وتطهير له، فكما أحرص إذا أردت أن أدخل عند العظيم أن أكون نظيفاً؛ أريد ألا تقع عينه إلا على النظيف، والثياب موضع نظر الخلق، أما موضع نظر الخالق فهو القلب، فينبغي أن يقع نظره على نظيف طاهر، فكما أكون حريصاً أنني أظهر أمام غيري من الناس بالثياب الطيبة النظيفة التي لا يؤذي أعينهم منظرها؛ يجب أن أنظف قلبي؛ لأن هذا محط نظر المولى عز وجل؛ إذ الله عز وجل ينظر إلى القلوب: إن القلوب في الأجساد كالأواني، وأفضل الأواني أصلبها وأرقها وأصفاها، وكذا كان قلب سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم يحمل هذه الثلاث الصفات: الرقة والصلابة والصفاء.
ورقة القلوب: هي رقة على المسلمين رقة على الأرامل رقة عند سماع كلام الله، والرقة هي معنى قوله تعالى: {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر:23]، فإن القلوب حين تخشع تخاف ثم تغشاها رهبة، ومن ثم بعد ذلك يكون فيها رجاء، ولذلك جاء أن أعرابياً سأل الرسول صلى الله عليه وسلم سؤالاً فقال: (يا رسول الله! من الذي يحاسبنا يوم القيامة؟ قال: أنت تعرف يا أعرابي أنه الله عز وجل، فتبسم الأعرابي، وقال: مادام أن الذي يحاسبنا هو الله فإنه كريم، والكريم إذا حاسب سامح وإذا قدر عفا)، فإنك عندما تكون كريماً مع ابنك أو كريماً أحياناً مع زوجتك تمر بعض الأمور التي أخطئوا فيها، فتتجاوز عنها، حالك كما قال الشاعر: ليس الغبي بسيد في قومه بل إن سيد قومه يتغابى أما الرجل الغبي فيصدق فيه قول الشاعر العربي: قال حمار الحكيم يوماً لو أنصف الدهر كنت أركب إذ الحمار لا يعجبه الحال، فقال: لو أن الدهر كان عادلاً لكنت أنا الراكب لا صاحبي، وهذا بمنطق الحمار: قال حمار الحكيم يوماً لو أنصف الدهر كنت أركب فإنني جاهل بسيط وصاحبي جهله مركب فمفهوم كلامه: إنني مخلوق وجهلي بسيط، أما المصيبة ففي الجاهل الذي يجهل أنه جاهل.