ويروى أن هنالك ملكاً كان لديه ساحر مسن، فطلب من الملك أن يحضر إليه أذكى غلام في البلاد لكي يعلمه السحر، فأحضروا له غلاماً ذكياً، فكان يتردد إلى الساحر، وفي طريقه إلى الساحر كان هنالك راهب فتعلم منه الغلام الإيمان والعقيدة حتى عرف بالطبيب.
وكان للملك وزير أعمى فقال له الغلام: إنني لا أستطيع أن أرد إليك بصرك إلا إذا آمنت بالله رب العالمين لا شريك له فآمن الوزير بالله تعالى، حتى علم الملك بذلك فأحضر الغلام فأخبره بما جرى بينه وبين الوزير فقال له الغلام: ربي وربك الله، فقال الملك خذوه في مركب فإذا كنتم في وسط البحر فألقوه فيه، فلما توسطوا به في البحر قال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت، فاضطرب القارب بما فيه فانقلبوا في وسط البحر ورجع الغلام المؤمن إلى الملك سالماً غانماً، فقال له الملك: من الذي أنجاك؟ قال الله رب العالمين.
فقال الملك: خذوه إلى أعلى جبل وارموه منه، فلما وصلوا به إلى قمة الجبل قال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت، فاهتز الجبل فسقطوا منه إلا الغلام، فعاد سائراً على قدميه إلى الملك.
ثم قال له: أيها الملك إنك لن تستطيع أن تسلط عليّ إلا أن تجمع الناس في صعيد واحد، وتأخذ سهماً من كنانتي وتقول: باسم الله رب هذا الغلام فترميني به فسأموت حينئذ.
فجمع الناس في صعيد واحد وربط الغلام على شجرة وأخذ من كنانته ووضعه في القوس وقال: باسم الله رب هذا الغلام، فألقي الغلام صريعاً، فقال الناس جميعاً: آمنا بالله رب الغلام.
فحفر أخدوداً في الأرض وأضرم فيه النيران ورمى فيه كل موحد، قال تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج:4 - 8].
وكانت هنالك امرأة ومعها ابن صغير لها فخافت على ابنها من النار فتلكأت وتلعثمت، فإذا بالولد ينطق بلسان واضح: يا أماه اثبتي إنك على الحق وأنه لا إله إلا الله، فرمت بنفسها وابنها في النار.
فيجب على المؤمن أن يثبت على لا إله إلا الله، وأن يكون دائماً متصلاً بالله وواثقاً برحمة الله وعارفاً أن فضل الله واسع.