لقد بنوا طريقة تعاملهم مع السلفية على ما نشأ عندهم في القرون الوسطى المظلمة، حيث رجال الكنيسة والمعبد، الذي لا يحسنون قيادة الحياة ومواكبة الركب الحضاري، لأنهم كانوا منشغلين بكنائسهم ومعابدهم وطقوسهم، ومن هنا نشأت دائرة الانفصام بين الدين والدنيا عندهم، واعتقدوا بذلك أن سبب كل تخلف عن ركب المدنية والحضارة، إنما منشأوه من التدين والدين، فصارت العلمانية والتمرد على القيم والانفتاح المنفلت هي شعارات التقدم والرقي للمدنية المزعومة، ومن ثم تعامل هؤلاء مع المنهج السلفي الإسلامي بنفس المعطيات والآفات، فحكموا عليها وعلى أتباعها وأنصارها، والداعين إليها بأنهم من الذين يريدون عودة العالم من جديد إلى عصور الظلام والجهل والتخلف، فوسموها بالتخلف والرجعية والتأخر عن مواكبة مستجدات الواقع المعاصر، مع أن السلفية الإسلامية هي عدو للتخلف والتأخر والرجعية، كما أنها أساس وعماد للحضارة الإسلامية طيلة عشرة قرون متتالية، وستظل هكذا بأمر الله وحده.
ولم يقفوا عند هذا التغريب بل تعدى ذلك إلى إيجاد مدرسة أخرى من بين هؤلاء المسلمين، تحمل سمومهم وأفكارهم وحقدهم على هذا الدين، وأضفوا عليهم ألقاباً زائفة ليوهموا السائرين في ركابهم أنهم " المثقفون، والمتقدمون، والتنويرون، والتطويريون، والنخبة "، إلى غير ذلك من أنواع النفخ والتكبير الذي لا يعدوا نفح الكرة بشيء من الهواء المعبأ، فرجعوا إلى بلدانهم حاملين لكل تغريب وغريب، ووقفوا أما دعوة الإسلام تأويلاً وتعطيلاً وتجهيلاً، فخرج منهم الكتاب والأدباء والمثقفون، الذي حملوا على الشريعة الإسلامية بالهدم للثوابت والأصول، والاتهام بأنها قاصرة عن مواكبة مسيرة الحضارة العالمية المسرعة في التقدم والمدنية، بل وعملوا على إحياء وتمجيد كل خبيث وماضٍ من التراث الفرعوني والإغريقي والروماني والوثني، وإحياء النعرات القومية والوطنية والحزبية، التي لا تزيد في أمة الإسلام إلا تفرقاً وشتاتاً، واحتراقاً من لفح الجاهلية الغربية المعاصرة منها والبائدة على طول التاريخ.
ومن هنا وقفت المدرستان العقلية والتغريبية موقف العداء الصارخ لدعوة الإسلام عموماً، المتمثلة في السلفية خصوصاً دون غيرها من سائر الدعوات والحركات الدعوية المعاصرة إلا ما ظهر منها، وتولد من كل هذا أجيال وأجيال، أصابها الخور والوهن وحب التقليد الأعمى لكل دخيل ومستغرب، ولو كان يتنافي بوضوح ودلائل وبراهين مع مسلمات وأصول الشريعة الإسلامية، هذا من حيث العداء للمنهج والإسلام.
*المخالفون للمنهج السلفي:-