الطرق

فكرت اليوم في مسألة «فلسفية» صعبة؛ هي مسألة الطرق: لماذا اخترعها البشر؟ ووصلت -بعد التفكير الطويل- إلى نتيجة عجيبة لا يعرفها أكثر الناس، نتيجة فرحت بها فرح كولومب بكشف أميركا وهو لا يدري؛ هي "أن الطرق أنشئت ليمشي الناس فيها"!

لا، لا تضحكوا أرجوكم، ولا تقولوا: هذا مسألة بديهية معروفة لا تحتاج إلى كلام. إنها تحتاج إلى كلام طويل ليفهمها الناس، فإن كنتم في شك من ذلك فاسمعوا هذه القصة (بشرط ألا تُتخذ قصتي سبباً لقطع أرزاق الناس، فما أريد ذلك والله. لا أريد إلا الإصلاح والتنظيم، فليذكر هذا كل من يقرأ هذه الكلمة):

والقصة أني كنت أمس مستعجلاً أريد أن أذهب إلى آخر سوق الحميدية، ولا أستطيع أن أركب سيارة ولا عجلة لأن السيارات والعجلات ممنوع عليها هي والدراجات أن تدخل السوق، فشددت نفسي وجمعت همتي ومشيت. فلم أكد أضع رجلي في أول السوق حتى وجدت الطريق مسدوداً بالناس: هنا عربة يد عليها أشكال من البضائع، وبجنبها عربة أخرى، وهناك بياع جرائد وراءه ثلاثة من باعة الجوارب الأميركية قد بسطوها على الأرض، وفي وسط السوق عدد من بياعي المعاطف، وخلال ذلك كله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015