وكل ما قيل عن الشيخ و"الرسالة" يقال عن أعلام هذه المرحلة: محمود محمد شاكر و"تفسير القرطبي" و"طبقات فحول الشعراء"لابن سلام، وعبد السلام هارون وآثار الجاحظ، والسيد أحمد صقر وآثار ابن قتيبة. وغير ذلك من التحقيقات والمؤلفات انتصروا فيها للعربية وأعلوا رايتها.

ومن يطالع -مثلاً- تعليقات الشيخ محمود شاكر على "طبقات ابن سلام" و"تفسير القرطبي" يقف على أشياء معجبة في فهم اللغة والبصر بالشريعة ومعرفة بالتفسير وفقه الحديث وتاريخ الرجال، وكل ما شئت من علوم هذه الأمة وفنونها؛ وكأنه رجل قد نشرت أمامه العربية كلها فانتقى منها ما طلب له.

هذا المنهج الذي سار عليه الأستاذ محمود شاكر- رحمه الله- في إخراج كتب التراث وتحقيقها منهج عسير بعيد المنال، تصعب محاكاته؛ لأنه متصل بعقيدة صحيحة وقراءة محيطة وظهور بين على التراث، ولكنه على كل حال قد وجه إلى أعدل المناهج وأقومها في التحقيق والتصحيح.

واليوم تبذل عدد من المؤسسات العلمية المتخصصة جهداً مشكوراً في جمع التراث ونشره عبر وسائل التقنية الحديثة: (الحاسب الآلي) و (شبكات المعلومات). وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على بقية خير في هذه الأمة وعرفان بجهد الأوائل.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015