والتصريف، وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات، ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ"، البرهان في علوم القرآن 1/ 13.

وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجرأة على تفسير كلام الله بغير علم، فقال فيما رواه ابن عباس: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار" حسَّنه وصححه الترمذي. انظر: عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي 11/ 67 (أبواب التفسير)، وكذلك أخرجه أحمد في مسنده 3/ 496.

ولعلَّ هذا التحذير من المنَّزل عليه صلى الله عليه وسلم هو الذي خوف بعض كبار الصحابة من تفسير ما لم يعرفوه من كتاب ربهم عز وجل، فقد روي أن أبا بكر الصديق سئل عن تفسير الفاكهة والأب، في قوله تعالى: {وفاكهة وأبا} [عبس: 31]، فقال: "أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم".

وكذلك روي عن عمر أنه قرأ هذه الآية على المنبر، ثم قال: "كل هذا عرفناه فما الأب؟ ثم رفع عصا كانت بيده، فقال: هذا لعمر الله هو التكلف، فما عليك ألا تدري ما الأب، اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه"، انظر: الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 6/ 317، وكان الأصمعي مع تبحره في اللغة وسعته في الرواية يحتمي تفسير القرآن وإعرابه. وهذا التوقف والحذر من هذا النفر الكريم إنما كان فيما لم يعملوه، بدليل قول أبي بكر: "إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم"، وبدليل أنه قد تكلم في أحكام الشرع والدين بما علم.

قال نجم الدين الطوفي الحنبلي المتوفى 716 هـ: "وأما الأصمعي رحمه الله فإن كان احتماؤه للكلام فيه بما لا يعلم فهو في غاية التوفيق والصواب؛ لأن كلامه إذن فيه يحرم، وإن كان مع العلم، فذلك إما جمود وجبن، وإما خروج إلى السلامة واكتفاء بمن تكلم فيه قبله وفي عصره من الأئمة الذين هم حجة عليه وله"، انظر: الإكسير في علم التفسير ص 10. وقول الطوفي: "وإما خروج إلى السلامة"، وهو ما نقوله الآن في أيامنا: "الهروب من تحمل المسؤولية"، فانظر إلى حلاوة كلامهم وركاكة كلامنا!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015