مع هلال رمضان من كل عام تنبعث ذكرى أعظم حادثة في تاريخ البشر، وأكبر شأن من شؤون المسلمين، وهو القرآن الكريم الذي نزل به جبريل الأمين على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي أمر بأن يبلغه الناس ويتلوه عليهم، وأمرت الأمة الإسلامية أيضاً بتلاوته وتدبر آياته، قال تعالى: {* يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]، وقال عز من قائل: {واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك} [الكهف: 27]، وقال تعالى: {فاقرءوا ما تيسر من القرآن} [المزمل: 20].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار"، فضائل القرآن لأبي عبيد 1/ 256، ومعنى "لا توسدوا القرآن" أي داوموا قراءته، وحافظوا عليه، ولا تناموا الليل عن قراءته، فيكون القرآن متوسداً معكم، وهو من الوسادة. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 5/ 183، وقال تقدست أسماؤه: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} [ص: 29].
وتدبر القرآن لا يكون إلا بمعرفته وجوه تفسيره، والكشف عن مراد الله وفق طاقة البشر. ومن هنا كان لعلم تفسير القرآن منزلة عالية، ثم كان للقائم عليه والمعني به مكانة سامية، روي أن علي بن أبي طالب ذكر جابر بن عبد الله ووصفه بالعلم، فقال رجل: جعلت فداك، تصف جابراً بالعلم وأنت أنت؟ فقال: إنه كان يعرف تفسير قوله تعالى: {إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معادٍ} [القصص: 85].