اللسان، الموضع الأول في أثناء مادة (وتر) والموضع الثاني في مادة (ترى). وفي النفس من هذا النقل شيء:
أولاً: لانفراد ابن الأعرابي به، ولم ينقل عن غيره من اللغويين.
وثانياً: أن صاحب اللسان ذكره في مادة (ترى) أن هذا من التهذيب "خاصة"، وهو فعلاً في تهذيب اللغة للأزهري 14/ 309، لكن قول صاحب اللسان "خاصة" مما يضعف هذا النقل؛ لأن مراجع اللسان خمسة، كما هو معروف: الصَّحاح للجوهري، وحاشيته لابن بري، والمحكم لابن سيده، والتهذيب للأزهري، والنهاية لابن الأثير، ولم يرد هذا النقل في شيء منها، سوى التهذيب.
وثالثاً: أن ابن الأعرابي لم يستشهد لهذا الفعل بشاهد من نثر أو شعر، واللغة إنما أخذت من كلام العرب وأشعارها.
هذا وقد زاد الصاغاني في الطنبور نغمة - كما جاء في المثل - فأضاف إلى ما قاله ابن الأعرابي: "أترى: إذا عمل أعمالاً متواترة، ويكون بين كل عملين فترة"، التكملة 6/ 380، ولا صلة لذلك كله بكلمة "تترى" إلا من بعيد، كما لا يؤخذ من ذلك فعلية "تترى".
وبعد: فقد ثبت إن شاء الله، أن هذه الكلمة اسم، وليست فعلاً، وثبت أيضاً أن غالب استعمالها أن تكون حالاً، وقد تأتي صفة، ثم قد تأتي خبراً، وعلى ذلك نقول: جاءت الأنباء تترى بكذا، أو الأنباء تترى بكذا، ولا نقول: تترى الأنباء بكذا.
وشكراً خالصاً للصديق الأستاذ عبد الرحمن شاكر الذي فتح لي هذا الباب من القول، ورحم الله أحمد شوفي رحمة واسعة سابغة.
ثم الصلاة والسلام الأتمَّان الأكملان على صاحب الذكرى العطرة، اللَّهُمَّ أحشرنا تحت لوائه، وارزقنا شفاعته.
* * *