و "تترى" في هذا الخبر حال من ضمير الفاعل في "يسقط".
وذكر ابن إسحاق في قصة مسير خالد بن الوليد، بعد فتح مكة، إلى بني جذيمة، قول امرأة من هذه القبيلة، ترد على شعر شاعر: "وأنت فحييت سبعاً وعشراًَ وتراً، وثمانياً تترى" السيرة النبوية 2/ 434.
و"تترى" في محل نصب صفة قولها "وثمانيا" أي متتابعة. وفسرها أبو ذر الخشني بقوله: تترى، أي تتوالى، شرح غريب السيرة ص 382، وهو تفسير غير دقيق؛ لأنه فسر بفعل، فأوحى بأن "تترى" فعل أيضاً، والأولى أن يقول: تترى: متوالية.
وفي خبر معاوية حين ولي الخلافة، أنه صعد المنبر، وخطب خطبة بليغة قال فيها: "وإن السيل إن جاء تترى - وإن قل - أغنى "، سير أعلام النبلاء للذهبي 3/ 148، والعقد الفريد لابن عبد ربه 4/ 82، وفيه تصحيف يصحح بما عند الذهبي.
وتأويل هذا الكلام: أن السيل إن جاء متتابعاً متواتراً كان فيه الفائدة والغناء وإن كان قليلاً، فتترى هنا في حال من الفاعل المضمر في "جاء".
وفي كلام لأبي العلاء المعري، يقول: "رُب حي أشرى، كأنهم ليوث الشرى ... جاءتهم المنايا تترى"، الفصول والغايات ص 282، و "اشرى" جمع "أشر"، وهو البطر الذي لا يشكر النعمة. وواضح أن "تترى" هنا حال من "المنايا".
وتأتي كلمة "تترى" في الخطب التي يفتتح بها المؤلفون كتبهم، ومن ذلك قول صدر الدين البصري، صاحب كتاب الحماسة البصرية، قال: " الحمد لله حمداً يكون لقائه ذخراً، والصلاة على نبيه محمد القائل: "إن من البيان لسحراًَ"، صلاة دائمة على ممر الأيام تترى". و "تترى" صفة ثانية لصلاة، أي صلاة دائمة متواترة، وإن كان وضع الكلمة في ذلك السياق يوهم أنها فعل مضارع، فيه ضمير يعود إلى "صلاة" كأنه قال: صلاة دائمة تستمر وتتصل.