محصوله واطلاعه الواسع ما ذكره في شرح زجل "الشيخة زعزوعة" تلك الزجالة المصرية القديمة:

دواخل مصر في قاعه ... حداهم بنت جنكِيَّة

وزعزوعة ترقصْهم ... على شامي وشامية

يقول النجمي: "ولقولهم "دواخل" أصل قديم، ففي كتابه "شفاء الغليل" يقول مؤلفه: "المحدثون يسمون حسن الصوت دخولاً، ويسمون ضده خروجاًَ"، انظر كتابه: محمد عبد الوهاب ص 70.

وأقول: شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل، من كتب المعرَّب في اللغة، ومؤلفه هو شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي المصري. توفي سنة 1069 هـ= 1659 م، ومن كتبه الكبار: عناية القاضي وكفاية الراضي، وهي حاشية على تفسير البيضاوي، وشرح درة الغواص للحريري، وريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا، وهو من رجال البعث والإِحياء والنهضة العربية في تلك الحقبة التي يسميها بعض أهل زماننا عصور الظلام!

ومن وراء ذلك كله فالنجمي شاعر، يعرف جمال الكلمة ويحسها ويتذوقها، والكاتب إذا اجتمعت له الأصول المعرفية والشاعرية، مع الصدق واستقامة القصد والترفع عن الدنايا وسفاسف الأمور، بلغت كتابته مبلغها، وانتهت إلى غايتها. وهكذا كان كمال النجمي وكانت كتاباته عن الأنغام والأصوات العربية: قديمها الذي جاء موصوفاً في الكتب، وحديثها الذي حفظته الأسطوانات والأشرطة. لقد كتب النجمي كثيراً، وحلل كثيراً، وسجل تاريخاً عزيزاً، ومن أبرز ما شهده وسجله بقلمه البديع: ذلك اليوم المشؤوم الحزين الذي احتبس فيه صوت الشيخ محمد رفعت وسط مستمعيه يوم الجمعة بمسجد مصطفى فاضل باشا بدرب الجماميز (بور سعيد الآن)، وما احسب أن أحداً سجل هذا اليوم الأسود غير كمال النجمي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015