وقد طبعت على تلك المطبعة أيضاً محاكمة سليمان الحلبي قاتل كليبر، ووضع اسم المطبعة على الغلاف هكذا "مطبعة الجمهور الفرنساوي 1799 م - 1800 م"، ولم تطبع هذه المطبعة الصغيرة بعد ذلك شيئاً ذا بال، ولا غير ذي بال.

ومهما يكن من أمر، فقد طويت صفحة هذه المطبعة وخرجت من مصر، وعادت إلى فرنسا، كما ذكر الدكتور خليل صابات، والدكتور أبو الفتوح رضوان.

لكن الجديد في هذه القضية أن الدكتور قاسم السامرائي، العالم العراقي والأستاذ بجامعة ليدن بهولندا ذهب إلى أن هذه المطبعة التي جاء بها نابليون إلى مصر، إنما هي مطبعة "آل ميدتشي" بروما، أخذها نابليون من إيطاليا أيام غزوه لها، وحين دخل الإِنجليز مصر، وأخرجوا من بقي بها من الفرنسيين، أخذ هؤلاء تلك المطبعة، وأعادوها إلى مكانها الأول في إيطاليا، وما زالت بقايا هذه المطبعة محفوظة بمدينة "فرنزة" في مقاطعة "بروفاونس" بإيطاليا. وهذا الدكتور قاسم السامرائي ثقة مصدق؛ لأنه خبير في الوثائق وتاريخ الكتاب (مخطوطاً ومطبوعاً (، وله دراية عظيمة بالاستشراق والمستشرقين.

فإذا ثبت هذا - وهو ثابت إن شاء الله - فيكون قول أحد كتابنا عن محاسن الحملة الفرنسية: "إن المدفع ذهب وبقيت المطبعة" قولاً غير صحيح، وفيه من خداع الكلام واللعب بالألفاظ ما لا يغني شيئاً.

على أنه مما ينبغي التنبه له والتنبيه عليه أن المطبعة قد عرفت في الشرق قبل مولد نابليون، وكانت "مطبعة حلب" أول مطبعة عربية في الشرق كله، وقد ظهر أول إنتاج لها عام 1706 م (ولد نابليون سنة 1769 م).

وقد أطلعني الدكتور محمد هيثم الخياط العالم السوري الحجة، على صورة غلاف لبعض مطبوعات هذه المطبعة الرائدة في هذه الفترة المتقدمة. وانظر معلومات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015