المصحف لوجدت الكلمة فيها هكذا {ملك} بالميم واللام والكاف، ولكنَّ حفصًا يقرأ عن عاصم - وهي قراءتنا نحن المصريين - في فاتحة الكتاب {مالك} بالألف بعد الميم، وكذلك يقرأ آية آل عمران، أما في سورة الناس فيقرأ {ملك} بدون الألف، فلو كان حفص يقرأ وفق الرسم والشكل لقرأ الثلاثة {ملك} ولكنه يقرأ بالرواية المتواترة. وانظر تفصيلاً أكثر في كتاب الدكتور عبد الفتاح شلبي: رسم المصحف العثماني ص 33.
والمثال الثاني: قوله تعالى: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال} [البقرة: 197]، وقوله تباركت أسماؤه: {لا بيع ولا خلة} [البقرة: 254]، قرأ ابن كثير وأبو عمرو الآية الأولى {فَلا رَفَث وَلا فُسُوقٌ} بالضم والتنوين، وقرءا الآية الثانية {لا بَيْعَ فِيهِ وَلا خُلَّةَ} بفتحة واحدة خفيفة.
ووجه قراءة الضم أن "لا" هنا تعمل عمل "ليس" فيرتفع الاسم بعدها على أنه اسمها، ووجه قراءة الفتح أن "لا" هنا هي النافية للجنس، فالاسم بعدها يبنى على الفتح في محل النصب، ويقال: إنه اسم "لا" النافية للجنس، التي تعمل عمل "إنَّ".
فلو كان ابن كثير وأبو عمرو يقرءان وفق الشكل أو الوجه النحوي لقرءا الآيتين قراءة واحدة، إما بالضم في الاثنتين، أو بالفتح فيهما، ولكنها الرواية والتلقي.
ولا أحب أن أغادر هذا المكان دون أن أناقش هذه القراءة التي أشار إليها الأستاذ الفاضل (جعل السفينة في رجل أخيه) - وهي تصحيف لقوله تعالى من الآية 70 من سورة يوسف {جعل السقاية فى رحل أخيه}.
فهذه القرءة مما يتكفه به أهل زماننا، وواضح أنها قراءة مصنوعة، كما صنعت أمثلة أخرى من التصحيف أريد بها التسلي أو الإِضحاك ممن نسبت إليه.
وهذه القراءة المصحَّفة تنسب إلى "عثمان بن أبي شيبة" المتوفى سنة 293 هـ ويقولون إنه نبه على هذا التصحيف، وأن صواب التلاوة {جعل السقاية فى رحل أخيه} فقال: "أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم" ويعلق الحافظ الذهبي على ذلك فيقول: