المبرد: في كتابه الكامل في الأدب والأخبار، وكتابه المقتضب في النحو، وكتابه في التعازي والمراثي.

ومع تظاهر كثير من الناس بالزهد في المال وعدم الحرص عليه، نرى الإِمام الجليل سفيان بن سعيد الثوري المتوفى (161 هـ) وهو إمام الحفاظ، وأمير المؤمنين في الحديث، يقول: "لأن أخلف عشرة آلاف درهم، يحاسبني الله عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس"، وروي أنه سئل مسألة وهو يشتري شيئاً، فقال: "دعني فإن قلبي عند درهمي"، وروي عنه أنه قال: "كان المال فيما مضى يكره، فأما اليوم فهو ترس المؤمن"، ونظر إليه رجل، وفي يده دنانير، فقال: يا أبا عبد الله، تمسك هذه الدنانير؟ قال: اسكت، فلولاها لتَمَنْدَلَ بنا الملوك.

"كأنه يريد: اتخذونا مناديل يمسحون بها وجوههم وأيديهم"، سير أعلام النبلاء، للذهبي 7/ 241، يقول سفيان الثوري هذا كله، وهو سيد العلماء العاملين في زمانه، وهو القائل أيضاً: "ما وضع رجل يده في قصعة رجل إلا ذل له".

وهذا الأحنف بن قيس، العالم الكبير المتوفى (71 هـ) وهو أحد من يُضرب بحِلمه وسؤدده المثل يقول: "كذبت مرة واحدة، سألني عمر بن الخطاب عن ثوب: بكم أخذته؟ فأسقطت ثلثي الثمن"، سير أعلام النبلاء للذهبي 4/ 89.

وكان للأحنف هذا ولد، يقال له: بحر، وبه كني، وكان مضعوفاً (أي قليل العقل خاملاً) فقيل له: لم لا تتأدب بأخلاق أبيك؟ فقال: الكسل"، وفيات الأعيان لابن خلكان 2/ 506. وهذا من باب الصدق مع النفس أيضاً.

وهذا رجل يحب الشهرة وبعد الصيت، ولو ركب لهما الصعب، فيروى عن الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء، المقرئ المحدث الحنبلي المتوفى (471 هـ) أنه قال: "هل ذكرني الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" في الثقات أو مع الكذابين؟ قيل: ما ذكرك أصلاً، فقال: ليته ذكرني ولو مع الكذابين"، سير أعلام النبلاء للذهبي 18/ 381، والإِعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، لشمس الدين السخاوي ص 33.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015