بالقاهرة، ويرى في هذا الذي يكتب ما يوجب تحية كاتبه وإهداءه شيئاً من مطبوعات المنظمة، وما أظن هذا المدير القارئ المتابع قد آثرني وحدي من بين الكاتبين بهذا الفضل، فلا شك أنه يقرأ لي ولغيري في الهلال، وفي سائر المجلات الثقافية، ليكون في ذلك عون له على أداء رسالته وإنجاح عمل المنظمة التي يتولى إدارتها، ولولا ما جاء في رسالته من ثناء بالغ على كتاباتي، لوضعت رسالته كلها هنا؛ ليرى القارئ الكريم كيف يكون مدير المؤسسة الثقافية، على ما قال أبو زياد الأعرابي:
ولم يك أكثر الفتيان مالًا ... ولكن كان أرحبهم ذراعاً
فقد أتى على مؤسساتنا الثقافية حين من الدهر كانت مناصبها العليا توزع على أساس من التوازنات السياسية، وإرضاء جميع الأطراف، ولا ينبئك مثل خبير، فقد عملت بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم خمس عشرة سنة، ورأيت أنماطاً غريبة من أصحاب هذه المناصب العليا، وبعضهم لا صلة له بالثقافة، لا من قريب ولا من بعيد، حتى إنه كتب ذات يوم: «لقد حضرت فوجت الباب مغلق» هكذا كتب «وجت» وهو يريد «وجدت» وكأنه يكتبها كتابة صوتية، يكتب كما ينطق، وما رأيت هذا المدير إلا وأنشدت قول البحتري:
الآن أيقنت أن الرزق أقسام ... لما تقلد أمر البرد حجام
«البرد: جمع البريد، والحجام: هو الذي يتولى الحجامة، وهي المعالجة بفصد الدم، أو امتصاصه بالمحجمة، وكان معروفاً ومستعملًا إلى عهد قريب»، وهذا كما ترى أحد مصائبنا الكبرى: أن يوسد الأمر إلى غير أهله، ولو تتبعت مراكزنا العلمية ومنظماتنا الثقافية لوجدت فيها من هذه النماذج الكثير، على ما قالت العرب في أمثالها: «وفي كل واد بنو سعد».
ومهما يكن من أمر، فهذه المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة التي يديرها ذلك المدير المثقف المتابع، أنشئت في 3 مايو 1982 م، واتخذت الرباط عاصمة المملكة المغربية مقراً لها، والمغرب الأقصى، حرسه الله، ثغر من ثغور