كتب أستاذنا الكبير الدكتور شكري محمد عياد، في عدد «المصور»، 17 من مارس الماضي كلمة جعل عنوانها «عاشق العربية» حيا فيها شيخنا أبا فهر محمود محمد شاكر، وإذا اجتمع للكلمة شرف الكاتب وشرف المكتوب إليه كانت ذخيرة تحفظ وتصان، وأيضاً فإن الكاتب الجاد يفتح أمام قارئه أبواباً من النظر، ويستخرج منه ألواناً من الفكر كانت دفينة لولا إثارة هذا الكاتب الجاد.
وهكذا عودنا ذلك الأستاذ الجليل: يمتعنا بما يكتب، ثم يمد لنا من حبال الفكر والبيان، ويصلنا بأسبابه، فنمضي معه موافقين أو مخالفين، والكاتب العظيم لا يحفل كثيراً بموافقة أو مخالفة، فحسبه أنه يحرك الساكن، ويجري الراكد، ويهز المألوف، بل إن المخالفة قد تعجبه أحياناً، لأنها ترده إلى الرأي الأول، فيستدرك فائته ويكمل نقصه، فيزداد جلاء ووضوحاً، وقد يقتنع بالرأي المخالف إذا عرف صدقه، ولمعت أمامه أنواره، وثبتت لديه صحته، فيرجع عما قال راضياً سعيداً، على ما قال عمر بن الخطاب في كتابه إلى أبي موسى الأشعري في القضاء: «لا يمنعنك قضاء قضيته اليوم، فراجعت فيه عقلك، وهديت فيه لرشدك، أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل»، الكامل للمبرد 1/ 20.
وكان مما قاله الأستاذ الكبير في كلمته عن أبي فهر، وإعجابه بجهوده وجهاده