إن الذين يشكون الآن من «الأغاني الهابطة» لا ينبغي أن ينسوا أن هذه القضية مرتبطة بألوان الأدب الأخرى، وأن البيان كله من باب واحد، فيوم أن كان عندنا أدباء بيان كبار، كالمنفلوطي والزيات، كان عندنا كتاب أغان كبار، مثل أحمد رامي وبيرم التونسي وعبد الفتاح مصطفى وحسين السيد، لأن كلام الناس ينزع بعضه إلى بعض، ويأخذ بعضه برقاب بعض، وقد أنشدتك أيها القارئ الكريم من قبل قول ابن الرومي:

«وبعض السجايا ينتسبن إلى بعض»

ولن تجد مع كثرة الغبار إلا قذى العيون.

والآن إذا أردت أيها القارئ العزيز أن تعرف سر هذا التردي في الكتابة، ومحافاة حسن البيان، والإعراض عن جمال العبارة، أعجزك أن ترده إلى سبب واحد أو سببين اثنين، وإنما هي أسباب كثيرة تداخلت وتشابكت، وسيأتيك حديثها - إن شاء الله - في المقال التالي.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015