به محتج من ذوي السلطان والجبروت، في إباحة ترك أحكام الله غير معمول بها، كما هو أمر الطغاة والجبابرة من الحاكمين في زماننا هذا».
ولهذه الغايات كلها أمرنا بترتيل القرآن، في قوله عز وجل مخاطباً وآمراً نبيه صلى الله عليه وسلم - والأمر لأمته معه - {ورتل القرآن ترتيلا (4)} [المزمل: 4]، قال القرطبي: «أي لا تعجل بقراءة القرآن، بل اقرأه في مهل وبيان، مع تدبر المعاني. والترتيل: التنضيد والتنسيق وحسن النظام، ومنه ثغر رتل ورتل، بكسر التاء وفتحها: أي حسن التنضيد». تفسير القرطبي 19/ 37، وحكي عن أبي بكر بن ظاهر قال: «تدبر في لطائف خطابه، وطالب نفسك بالقيام بأحكامه، وقلبك بفهم معانيه، وسرك بالإقبال عليه».
وروي أن علقمة بن قيس قرأ على عبد الله بن مسعود، فكأنه عجل، فقال ابن مسعود: «فداك أبي وأمي، رتل فإنه زين للقرآن» المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز، لأبي شامة المقدسي ص 198.
لكن قوماً من أهل الصدق والإخلاص - في زماننا ومن قبل زماننا - حسنت نياتهم، وسلمت صدورهم، يرغبون في إحراز الأجر ومضاعفة الثواب، يشتدون في هذا الشهر المبارك، ويبالغون في ختم القرآن أكثر من مرة، ويتباهون في ذلك، فيقول أحدهم: ختمته عشرين مرة، ويقول آخر: بل ختمته ثلاثين، ثم يزيد بعضهم وينقص بعضهم، وما يدرون أنهم بذلك يبتعدون عن السنة المثأورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن صحابته الأكرمين.
فقد روى البخاري ومسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألم أخبر أنك تصوم الدهر، وتقرأ القرآن كل ليلة؟ »، قلت: بلى يا نبي الله، ولم أرد بذلك إلا الخير، قال: «فصم صوم داود - وكان أعبد الناس -[كان يصوم يوماً ويفطر يوماً]، واقرأ القرأن في كل شهر»، قال: قلت يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال: «فاقرأه في كل عشرين»، قال: قلت: