الطلبة آنذاك، وكثرتهم الآن، فلو ظفر طلاب الصفوف الأولى في المدرجات الآن بهذه العناية لكفى.
على أن قضية أخذ رأي الطالب في تقييم عمل الأستاذ وترقيته لا ينبغي أن تؤخذ على ظاهرها هذا السهل الساذج، فنحن لا نتوجه إلى الطلبة واحداً واحداً، نسألهم رأيهم في أستاذهم، على طريقة قوائم الاستبيان المعروفة، فذلك أمر مرفوض ومطرح، ولكن المسألة أبعد من هذا، ولعل أقرب صورة لتحقيق هذه الغاية هي الرأي الجمعي للطلاب، فحين نرى إجماعاً أو شبه إجماع من الطلبة على حضور محاضرات ذلك الأستاذ فهذه شهادة له، وحين نلمس حرص الطالب على كتاب أستاذه وحفاوته به واحترامه له، فذلك إقرار بعلم ذلك الأستاذ - ودعك من مسألة الاستلطاف أو الارتياح الشخصي بتأثير خفة ظل الأستاذ أو تودده إلى ظلبته بحلو الكلام ومعسوله، أو سخاوته في درجات الامتحان، على قاعدة: «إنما يمدح السوق من ربح»، فهذه أمور إن دامت أسبوعاً فلن تدوم شهراً، وإن تجاوزت الشهر فلن تبلغ العام.
ودعك أيضاً من الوشايات والإشاعات والسعايات لرفع خسيس أو وضع عال، فهذه كلها أمور مكشوفة مفضوحة، ولا يصح إلا الصحيح. وحين نرى إعراضاً من الطالب عن محاضرات أستاذ، واستخفافه بما يكتب، وزهده فيما يقول، فذلك إيذان بضعف ذلك الأستاذ.
والعجيب أن ذلك كله - مدحاً وذمّاً، وإقبالاً وإعراضاً - لا يخفى على عمداء الكليات ورؤساء الأقسام بها، بل لا يخفى على الزملاء أنفسهم، ولكنها المداراة والمصانعة. وفي آخر الأمر فإن الطالب النابه هو شاهد الصدق على علم الأستاذ وإخلاصه؛ لأنه يبدي رأيه في أستاذه وهو سليم الصدر، منزه عن الغرض، بريء من الشبهة، ولا يجد الهوى إلى نفسه سبيلاً، فينبغي أن يصار إلى رأي ذلك الطالب: