اسمي، ثم أكيل له المديح والثناء منظوماً ومنثوراً. على أن هؤلاء الملوك والوزراء الذين جاءت أسماؤهم عنوانات للكتب كانت لهم مشاركة واهتمام باللغة والأدب وفروع العلم عموماً، ويكفي أن تعلم أن مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي حين ترجم لعضد الدولة البويهي وصفه بالنحوي.
ولعل من أشد العنوانات خداعاً: ذلك الكتاب الذي ألفه ابن الجوزي وسماه: «المصباح المضيء في خلافة المستضيء»، فهذا الكتاب وإن كان في ظاهره أنه في مناقب الخليفة العباسي المستضيء، فإنه ليس خالصاً له، وإنما استطرد ابن الجوزي فيه إلى تراجم كثيرة للصحابة وللخلفاء العباسيين، مع عناية ظاهرة بالوعظ والتذكير، يقدمها ابن الجوزي للسلطان أو للحاكم، لكي يستضيء بها في معالجة الأحوال السياسية والاجتماعية، كما ذكرت محققة الكتاب وناشرته العراقية الدكتورة ناجية عبد الله إبراهيم.
وكذلك كتاب: «الدر الفاخر فيل سيرة الملك ناصر» لابن أبيك الدواداري من مؤرخي المماليك في القرن الثامن الهجري، فهذا ابن أيبك وإن كان منحازاً للسلطان محمد الناصر بن قلاوون؛ لأنه كان يعمل في بلاطه، فإن كتابه هذا يعد وثيقة مهمة في تاريخ مصر والشام في ذلك الوقت، وهو بمثابة يوميات لهذين القطرين الكبيرين وجهادهما مع فلول الفرنجة من التتار.
فليس صحيحاً إذن ما سمعته - في برنامج تلفزيوني - من الدكتورة الأدبية الفصيحة نغمات أحد فؤاد من قولها: «إن التاريخ يخطئ حين يقول: هرم خوفو، وخوفو لم يبن هرمه، وإنما بناه المهندس المصري».
إن التاريخ لم يخطئ يا سيدتي الدكتورة، ولكن هذا هو المعروف والمألوف في نسبة الأعمال الكبيرة، تنسب إلى عصورها، وإلى رموز هذه العصور، وهم الملوك والحكام، إن علماء البلاغة يمثلون لمجاز الحذف بقولهم: «بنى الأمير القصر»، ثم يقولون: وإنما بناه عماله. ألم نقل «مصحف الملك فؤاد» لهذه الطبعة المحررة العالية من القرآن الكريم، وهي أصح طبعة للكتاب العزيز بشهادة مشايخ