الذي تملأ ترجمته صفحات كثيرة، فضلًا عما يتعرض له بعض هؤلاء الخلفاء أو الوزراء من نقد شديد، وإحصاء دقيق لأخطائهم وزلاتهم، ولست هنا بسبيل التمثيل لهذا أو ذاك.
أما كتب المناقب فهي كتب خاصة تدور حول شخصية واحدة، خليفة أو وزيراً، ولا بأس في ذلك ولا نكران؛ فإن من حق أي كاتب أن ينحاز إلى شخصية حاكمة ومؤثرة، ويفرد لها كتاباً يأتي على تاريخها وأعمالها، وهذا ما نشاهده إلى يوم الناس، نحن نقبله ولا نرفضه، ثم إن ما كتب في تراجم الأفراد خاصة ومناقبهم لم ينفرد به الحكام والخلفاء فقط، فقد ذكرت لك من قبل: مناقب أبي حنيفة، ومناقب الشافعي، ومناقب أحمد، وسيرة عمر بن عمر العزيز.
ويبدو أيضاً أن بعض من خاضوا في قضية «صنع التاريخ للحكام والملوك» قد خدعوا بتلك العنوانات التي تحمل أسماء الملوك والوزراء، مثلك تاب الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس، نسبة إلى الصاحب ابن عباد، الوزير الشهير، والإيضاح العضدي في النحو، لأبي علي الفارسي، نسبة إلى عضد الدولة بن بويه حاكم فارس والموصل وبلاد الجزيرة، واللامع العزيزي - وهو شرح ديوان المتنبي - لأبي العلاء المعري، نسبة لعزيز الدولة فاتك بن عبد الله الرومي، الذي كان من رجال الحاكم بأمر الله الفاطمي، والمستظهري - وهو فضائح الباطنية - لأبي حامد الغزالي، نسبة إلى الخليفة العباسي المستظهر بالله، أحمد بن عبد الله.
فليس للصاحب بن عباد، ولا لعضد الدولة، ولا لعزيز الدولة، ولا للمستظهر بالله، ذكر في تلك الكتب إلا ما يكون من إشارة في المقدمات، فيها إشادة بهؤلاء الكبار أصحاب السلطة؛ لأن لهم عوناً ظاهراً للمؤلف ومساندة، كما نقول الآن: إن الكتاب الفلاني طبع بدعم من جامعة كذا، أو هيئة كذا، وتأمل الكتب التي تصدر تحت عنوان «سلسلة جب التذكارية» ونحوها، لأن هذه الجامعات والهيئات مؤَّلت الكتاب وأنفقت على طبعه، وهات لي الآن أميراً أو تاجراً ثرياً يعنني على طبع كتاب من كتبي، وأنا زعيم، أن أسمي كتابي باسمه الشريف، بل أجعل اسمه يتقدم