قد عرض لتاريخ المدائح النبوية في فصول أربعة: الفصل الأول الرسول في شعر معاصريه، وهو ما يعرف بشعر الصحابة، الذي جمعه من قبل الحافظ ابن سيد الناس، على ما ذكرت. والفصل الثاني: المدائح النبوية في شعر الشيعة. والفصل الثالث: المولد النبوي والمولديات. ثم جاء الفصل الرابع عن المدائح النبوية في العصر الحديث.

قصيدة العباس بن عبد المطلب:

والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقصيدته هذه خالصة في مديحه عليه السلام، وهي بذلك تباين ما قاله الشعراء الصحابة، إذ كان هؤلاء قد خلطوا مديحهم له عليه السلام بالدعوة إلى الدين الجديد، والرد على المشركين والافتخار عليهم بوقائعهم معهم وانتصاراتهم عليهم، كما ذكرت من قبل.

وقد سكت الدكتور محمود علي مكي عن هذه القصيدة، فلم يوردها مع ما أورد من شعراء الصحابة - مع يقيني بأنه لا يخفى عليه مكانها - وكذلك يغفلها كثير ممن يكتبون عن شعر المدائح النبوية، فلم تحظ بما حظيت به قصائد حسان وكعب وابن رواحة: مع أنها قصيدة مروية مذكورة الإسناد، مع فخامتها الشعرية وشدة شبهها بالشعر الجاهلي، بل قل إنها صورة من الشعر الجاهلي في جلاله وبهائه.

وإليك أيها القارئ الكريم نص القصيدة، متبوعة بتوثيقها وشرحها وتحليلها: حدث أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، عن أبيه، عن يزيد بن عمرو الغنوي، عن زكريا بن يحيى الكوفي، قال: حدثنا عم أبي، زحر بن حصن، عن جده حميد بن منهب، قال: سمعت جدي خريم بن أوس بن حارثة، يقول: هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة منصرفه من تبوك، فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك، فقال: «قل لا يفضض الله فاك». فقال العباس:

من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015