له صدقات ما تغب ونائل ... وليس عطاء اليوم مانعه غدا

وللنقاد ومؤرخي الشعر في هذه القصيدة مقال.

ثم كان شعراء الصحابة المشاهير: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وقد اختلط مديحهم له عليه السلام بالحديث عن الدين الجديد ومناوأة المشركين، ولم يكن هؤلاء الثلاثة وحدهم على الساحة، فقد ذكر الحافظ ابن سيد الناس اليعمري المتوفى 732 هـ نحواً من مائة وتسعين صحابيّاً وصحابية عطروا ألسنتهم بمدحه صلى الله عليه وسلم، وجمع ذلك في كتابه سمَّاه (منح المدح) وهو مطبوع متداول.

وينقضي عصر الصحابة، ويداول الله الأيام بين الناس، فتذهب أيام وتأتي أيام، وتثل عروش تقوم عروش، ويتقلب الناس بين قديم وجديد وطارف وتليد، ولا زال ذكره الشريف يؤنس الغريب، ويطب الجريح، ويرد الضال ويهدي الحائر، فلم ينقطع هذا المدد النبوي الكريم على ألسنة الشعراء وقالة القصيد: شعراً منغوماً، قد تتفاوت قيمة الفنية والتصويرية، لكنه في جميع أشكاله وضروبه يسري فيه هذا النفس المحمدي العظيم، طب القلوب ودواؤها، وعافية الأبدان وشفاؤها، ونور الأبصار وضياؤها.

وقد نهد إلى جمع شعر المدائح النبوية في مختلف العصور: الأديب العالم الجامع يوسف بن إسماعيل بن يوسف النبهاني الفلسطيني المولد، المتخرج في الأزهر الشريف، رئيس محكمة الحقوق في بيروت، المتوفى سنة (1350 هـ = 1932 م)، وقد سمَّى عمله هذا (المجموعة النبهانية في المدائح النبوية) وهو عمل ضخم اشتمل على (25066) بيتاً، وطبع في أربعة مجلدات كبار.

ومن أنفس ما قرأت في هذا الفن: ما أخرجه الأستاذ العالم الدكتور محمود على مكي، بعنوان (المدائح النبوية) وقد صدر عام 1991 م عن الشركة المصرية العالمية للنشر - لونجمان. وجهات الحسن في هذا الكتاب كثيرة، فهو على وجازته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015