كتب الشاعر الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي، كلمة في جريدة الأهرام بتاريخ 26/ 8/1992 م قدَّم فيها كتاب الأستاذ الكبير النبيل الدكتور مصطفى ناصف «صوت الشاعر القديم».
وقد ذكر الأستاذ حجازي في صدر كلمته أنه مدين لثلاثة أساتذة بما يعرفه عن الشعر الجاهلي: أولهم مفتش لغة عربية رآه أيام الدراسة، وقد دخل عليهم الفصل، وكان أستاذ اللغة العربية يشرح شيئاً من شعر الأعشى الكبير ميمون بن قيس، فلم تَرُقْ طريقةُ المدرس في شرح شعر الأعشى ذلك المفتش، فأخذ الكلام من المدرس، واندفع في شرح بلغ من الأستاذ حجازي مبلغاً كبيراً من الرضى والارتياح، ثم غاب ذلك المفتش، ولم يره الأستاذ حجازي، ولم يسمع به بعد ذلك.
ولا نعتقد أن مثل هذه اللحظة الخاطفة في حصة دراسية محدودة، أخذ فيها ذلك المفتش في شرح بيتين اثنين من شعر الأعشى على نحوٍ مطرب معجب، تضع هذا المفتش - حذْوَ القُذَّة بالقُذَّة - مع عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، والأستاذ الكبير الدكتور مصطفى ناصف، وتجعل الأستاذ حجازي مديناً لهؤلاء الثلاثة بما يعرفه عن الشعر الجاهلي! غاية ما يقال عن ذلك المفتش الحاذق اللبق أنه حبب إلى ذلك الفتى الصغير الشعر الجاهلي ومهَّد لأنغامه الشجية أن تنصب إلى سمعه وتتولَّج في قلبه.