لغتان»، وأنَّ ابن مكي الصقلي أنكر على العامة ما يحتمل التأويل أو يكون عليه من كلام العرب دليل».
وفي عصرنا الحديث أيضاً تعرض مؤلفو الأخطاء الشائعة إلى كثير من النقد والمراجعة، ومن ذلك ما كُتب من نقد حول «لغة الجرائد» لليازجي، وما أثير حول «قل ولا تقل» لمصطفى جواد. وقد دارت معظم هذه النقود والتعقبات حول معيار الحكم بالخطأ والصواب على هذا الاستعمال أو ذاك. ويكشف عن اختلاف معايير الحكم بالخطأ والصواب هذان المثالان: خطَّأ أبو بكر الزبيدي العامة في قولهم: امرأة سكرانة، وبيَّن أن الصواب: سكرى، ثم ذكر أن بني أسد كانوا يقولون: سكرانة. فرد عليه ابن هشام اللخمي: «فإذا قالها قوم من بني أسد فكيف تُلحن بها العامة، وإن كانت لغة ضعيفة، وهم قد نطقوا بها كما نطقت بعض قبائل العرب». ورُوي عن أبي عثمان المازني أنه قال: «دخلت بغداد فألقيت علي مسائل، فكنت أجيب فيها على مذهبي، ويخطئونني على مذهبهم» مغني اللبيب (مبحث إذا).
على أن أعظم ما تعرض له الذين كتبوا في التصحيح اللغوي في القديم والحديث: هو التسرع وعدم الاستقصاء والتحري، والوقوف عند حدود القاعدة اللغوية والنحوية، دون التفات إلى المسموع والمأثور المتناثر في كتب العربية على اختلاف علومها وفنونها، فالمعاجم على تنوعها واتساع بعضها لم تُحص اللغة كلها، وآية ذلك ما تراه في فهارس أئمة تحقيق النصوص، من تلك الألفاظ والتراكيب التي جاءت في أشعار العرب وكلام أهل العلم من السابقين الأولين، مما لم يذكر في المعاجم اللغوية المتداولة، ومن ذلك ما ذكره شيخنا محمود محمد شاكر بآخر طبقات فحول الشعراء باسم «ألفاظ من اللغة أخلَّت بها المعاجم أو قصرت في بيانها».
وما تراه في فهارس أستاذنا عبد السلام هارون رحمه الله، للبيان والتبيين، والأصمعيات والمفضليات ومقاييس اللغة.