التحقيق (?)

تحقيق النصوص علم له قوانينه وأعرافه ومصطلحاته وأدواته، وله جانبان: جانب الصنعة، وجانب العلم.

فأما جانب الصنعة: فهو ما يتصل بجميع النسخ المخطوطة للكتاب المراد تحقيقه، والموازنة بينها واختيار النسخة الأم أو الأصل كما سنعرض له فيما بعد 0 ثم ما يكون بعد ذلك من توثيق عنوان المخطوط واسم المؤلف، ونسبة المخطوط إليه، ونسخه والتعليق عليه، وتخريج شواهده وتوثيق نقوله وصنع الفهارس الفنية اللازمة، فهذا كله جانب الصنعة الذي يستوي فيه الناس جميعاً، ولا يكاد يفضل أحد أحدًا فيه، إلا بما يكون من الوفاء بهذه النقاط أو التقصير فيها.

وأما جانب العلم في تحقيق النصوص: فهو الغاية التي ليس وراءها غاية، وهو المطلب الكبير الذي ينبغي أن تصرف إليه الهمم، وتبذل فيه الجهود، ولاء لهذا التراث العريق، وكشفاً لمسيرتنا الفكرية عبر هذه الأزمان المتطاولة.

وتلخيص هذا الجانب الآن في هذه المحاضرة المحدودة عسر كل العسر، والتدليل عليه لا يكون إلا بالنظر في أعمال المحققين الأثبات، وقراءة حواشيهم، وسترون أن هؤلاء المحققين العلماء دائرون في قضايا العربية كلها التي يدور حولها النص، أصالة أو استطراداً، ثم تأملوا جريدة مراجعهم وستجدون أنها تكاد تغطي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015