ودواوين الشعراء الجاهليين والمخضرمين والمولَّدين، فباع منها في مدة عام كامل ما شاء أن يبيع لأهل إفريقية، ثم تحول بعد ذلك في سنة 330 هـ إلى الأندلس بما بقي له منها. وقد حفظ لنا أبو بكر بن خير الإِشبيلي قائمة بأسماء هذه الدواوين في فهرست ما رواه عن شيوخه (?).
تواصل أدباء المشرق والمغرب، وإن ظلت رحلات المغاربة إلى المشرق أكثر وأدوم لأسباب كثيرة، من أبرزها أن المشرق كان ولا يزال طريق المغاربة للحج، الركن الخامس من أركان الدين الحنيف.
وحين انتدب المغاربة للتصنيف والكتابة ظهر في إنتاجهم مشابه من مناهج المشارقة وطرائقهم في الكتابة، مما حدا ببعض النقاد والمؤرخين أن يربطوا بين الإنتاج المشرقي والمغربي، على نحو يريد أن يثبت دائماً أن المغاربة قد تأثروا بالمشارقة في كل ما يعالجون، فهم يقولون: إنَّ ابن زيدون بحتري المغرب (?)، وإنَّ أبا بكر الزبيدي الإشبيلي، صاحب كتاب «مختصر العين» في المغرب بمنزلة ابن دريد في المشرق (?)، وإنَّ أبا الحسن بن بسام الشنتريني صاحب كتاب «الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة» قد تأثر بأبي منصور الثعالبي ونسج على منواله في كتابه: «يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر» (?). إلى غير ذلك من الأمثلة.