ويأتي اسم الغزالي ضمن قائمة طويلة من الأسماء التي حاربت الباطنية فكريًا، ولكن مع ذلك لا يزال لهذا المذهب أتباع إلى عصرنا هذا (?).
نقد التصوف:
التصوف باب من الأبواب التي دخلت منها الانحرافات إلى الدين، حتى أن الناس تنازعوا هل التصوف نفسه من الدين أم لا؟ وهذا ينبني على ماهية التصوف.
تعددت الآراء في الاشتقاق اللغوي لكلمة صوفي، والذي تميل إليه هذه الآراء أنها مشتقة من لباس الصوف، وهو قد كان اللباس الغالب على الزهاد والعباد (?)، ويخطئ من ينسب كلمة صوفي إلى أهل الصفة؛ لأن ذلك الاشتقاق لغة لا يصح، كما أن أهل الصفة لم يكونوا قومًا منقطعين للعبادة كما شاع ذلك خطأ عنهم، بل كانوا قومًا فقراء يهاجرون إلى المدينة وما لهم أهل ولا مال، وكان الأنصار في أول الأمر يؤوون المهاجرين ثم صار المهاجرون يكثرون بعد ذلك شيئًا بعد شيء، فبنيت لهم صفة (مكان مظلل) في مؤخرة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ليأووا إليها. ولم يكن جميع أهل الصفة قد اجتمعوا كلهم في وقت واحد في هذا المأوى، بل كان منهم من يتأهل أو ينتقل إلى مكان آخر يتيسر له، وهكذا يجيء ناس ويذهب ناس، فكانوا تارة يقلون وتارة يكثرون (?). وعلى هذا فأهل الصفة ليسوا هم متصوفة العهد النبوي كما يظن البعض.
وقد ظهر لفظ التصوف في أواخر المائة الثانية (?)، واشتهر استعمال هذا الاصطلاح عند كثير من أئمة الدين في ذلك العصر، ويروى ذلك عن الإمام أحمد بن حنبل وأبي سليمان الداراني وسفيان الثوري والحسن البصري (?).