عرضها في الآتي (?):
1 - أثبت أن بعض مباحث الفلسفة لا يتعلق شيء منها بأمور الدين نفيًا وإثباتًا، مثل المباحث الرياضية وعلوم الحساب والهندسة، ومثل المنطقيات، وكانت الفلسفة بمفهومها القديم تشمل كل هذه العلوم وغيرها. أما آراء الفلاسفة في الأخلاق والسياسة فبيَّن أن هذه الآراء لا تتصادم مع الدين إلا في النادر، بل هو يرى أن أصولها مستمدة من حكمة الأديان.
2 - أوضح أن أكثر أغاليط الفلاسفة وأخطائهم في مباحث الفلسفة المسماة بالإلهيات، وذلك أن براهينهم فيها غير مستقيمة، وهذا سبب كثرة اختلافهم هم أنفسهم فيها. وقد خصص الغزالي كتابه "تهافت الفلاسفة" لنقد هذا الجانب من الفلسفة، واختار من ذلك عشرين مسألة أوردها بأدلة الفلاسفة عليها ثم أبان خطأها وأدلته على هذا الخطأ.
3 - هاجم الغزالي موقف المقلدين للفلسفة المعجبين بها الذين نظروا في المباحث الرياضية والمنطقية، فتعجبوا من دقائقها وظهور براهينها فانبهروا بها، وظنوا أن جميع علومهم في الوضوح وقوة البرهان مثل المباحث الرياضية، وحين سمعوا عن إلحاد الفلاسفة وكفرهم، وقع في أنفسهم أن لو كان الدين حقًا لما خفي على هؤلاء مع تدقيقهم في العلم فتبعوهم في إلحادهم تقليدًا وجهلًا، وقد غاب عنهم أنه إذا كانت مباحث الرياضيات لها براهين واضحة، فإن مباحث الإلهيات عند الفلاسفة أوهام وظنون ليس عليها برهان.
4 - هاجم الغزالي موقف الجامدين من علماء الدين، الذين وقفوا موقف الصديق الجاهل، الذي ظن أن الدين ينبغي أن ينصر بإنكار كل العلوم المنسوبة إلى الفلاسفة، فأنكر جميع علومهم وادعى جهلهم فيها، حتى أنكر قولهم في الخسوف والكسوف وزعم أن ما قالوه خلاف الشرع، وقد كانت تلك مصيبة عظيمة في الدين لأن من رأى قوة براهين الفلاسفة في هذه الأمور، اعتقد أن الإسلام مبني على الجهل وإنكار البرهان القاطع، فازداد للفلسفة حبًا وللإسلام بغضًا.
وهكذا استطاع الغزالي أن يفتح أعين المسلمين على حقيقة الفلسفة،