المعتزلة (?)، ويقال أنه أقام على الاعتزال أربعين سنة حتى صار إمامًا لهم (?).
ثم حدث له تحول في أفكاره وتغير في شخصيته، فتخلى عن مذهب الاعتزال وأعلن ذلك في أحد الأيام المشهودة في المسجد الجامع بالبصرة حيث رقي كرسيًا ونادى بأعلى صوته:
"من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا فلان بن فلان كنت أقول بخلق القرآن وأن الله لا تراه الأبصار وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع معتقد للرد على المعتزلة مخرج لفضائحهم ومعايبهم" (?).
ومنذ تلك اللحظة انقلب حربًا على المعتزلة، وصار لسانه وقلمه سيفًا مشهورًا في وجوههم حتى أضعف تأثيرهم وصد فكرهم. وهو وإن كان قد واجه المعتزلة بصورة رئيسة إلا أنه كانت له جولات مع كل المنحرفين في عصره. ويصف الإمام البيهقي المهمة الكبيرة التي نهض بها الأشعري والخدمة التي أداها لهذا الدين بهذه الكلمات:
"كان إمامًا قام بنصرة دين الله وجاهد بلسانه وبيانه من صد عن سبيل الله، وزاد في التبيين لأهل اليقين أن ما جاء به الكتاب والسُّنَّة وما كان عليه سلف هذه الأمة مستقيم على العقول الصحيحة والآراء" (?).
ويقول البيهقي أيضًا:
"لم يُحدث في دين الله حدثًا، ولم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين، فنصرها بزيادة شرح وتبيين، وأن ما قالوا في الأصول وجاء به الشرع صحيح في العقول، خلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء" (?).
حرب المنحرفين بسلاحهم:
فالإمام أبو الحسن الأشعري يأتي في قمة ذلك الاتجاه الذي حارب