المجدد، ونوع الأعمال التي تصلح أن تعتبر تجديدًا، وقوة الأثر الذي يتركه المجدد في عصره، كانت تلك كلها هي المؤشرات التي يعرف بها من هو مجدد القرن، وهي مؤشرات فقط وليست علامات قاطعة، وهي مع عمومها الذي رأيناه تصلح لأن تشير لأكثر من واحد في كل قرن، ومن أجل ذلك رشح أكثر من اسم في كل قرن لمنصب التجديد.

تعدد المجددين في القرن:

ومع الاختلاف حول أسماء المجددين، وتقديم أكثر من اسم في كل قرن؛ إلا أن جمهور السلف يرى أن المجدد لكل قرن واحد لا يتعدد، وإن كان هناك اختلاف في تعيينه. وقد نسب السيوطي هذا الرأي إلى الجمهور في منظومته عن المجددين (?). وليس لهذا القول حجة إلا الرواية التي أخرجها البيهقي لحديث التجديد من طريق أحمد بن حنبل، قال: "يروى في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يمن على أهل دينه في رأس كل مائة سنة برجل من أهل بيتي يبين لهم أمر دينهم"، وإنى نظرت في سنة مائة فإذا هو رجل من آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائة الثانية فإذا هو محمد بن إدريس الشافعي" (?).

فقد جاء في هذه الرواية لفظ رجل، وهىِ أصرح في الدلالة على أن المجدد في القرن واحد. وتضيف هذه الرواية شرطًا آخر في المجدد وهو أن يكون من بيت النبوة وقد قوَّى السيوطي هذه الرواية (?)، وكأنه فيما يبدو يذهب إلى أن المجدد من آل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه فرد لا يتعدد. ولكن لم تكن كل الأسماء التي قدمها للمجددين من البيت النبوي، وذلك في المنظومة نفسها التي ذكر فيها هذا الرأي. وفي الحقيقة لم يرد ذكر لأي اسم من أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - في القرون بعد الثاني في الإحصاءات التي بين أيدينا (?). وذلك هو ما دفع السبكي لأن يتغلب على هذه الصعوبة بأن حصر جميع أسماء المجددين للقرون بعد الثاني، في أتباع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015