المجدد إنما هو بالظن، والظن يخطئ ويصيب، فلا مجال إذًا لاعتبار ذلك التعيين أمرًا قاطعًا لا يقبل الجدل، ولا مجال إذًا للادعاء بأن شخصًا بذاته هو المقصود بالحديث، فهذه دعوى لا يعلم حقيقتها إلا الله تعالى (?). وكل ما في الأمر أنه لما ذكر أحمد بن حنبل جازمًا أن المجددين في المائتين الأوليين هما عمر بن عبد العزيز والشافعي، تجاسر من بعده إلى إضفاء صفة المجدد على من رأوه أهلًا لذلك (?). وتتابع العلماء في العصور المتتالية إلى تعداد المجددين ينتقدون آراء من سبقهم ويقدمون أسماء جديدة. ومن هذه الزاوية يتضح أن الباب واسع للاختلاف حول المجددين، إلا أنه لابد من ضوابط ومقاييس لمعرفة المجدد، حتى لا يطلق كل أحد القول فيزعم من غير أساس أن المجدد هو فلان (?).
شروط المجدد:
إن من هذه الضوابط ما يرجع إلى المواهب والصفات الذاتية التي رأى السلف أن المجدد ينبغي أن يكون متحليًا بها، ومنها ما يرجع إلى الأعمال التي يقوم بها في حياته وإلى أي حد يمكن أن تندرج الأعمال تحت عنوان التجديد، ومنها ما يرجع إلى مدى الانتفاع به وشهرته وآثاره التي تركها في عصره (?).
أما ما يخص الصفات الذاتية للمجدد، فإنه من الضروري أن يكون حائزًا على مواهب كثيرة، وسجايا متعددة، تؤهله لمهمة هي شبيهة بمهمة الأنبياء -عليهم السلام-.