يكون متغيرًا، أما الأحكام القائمة على نص فهي ثابتة أبدًا. يقول الإمام ابن حزم مؤكدًا هذه الحقيقة: "إذا ورد النص من القرآن أو السُّنَّة الثابتة في أمر ما على حكم ما. . . . فصح أنه لا معنى لتبدل الزمان ولا لتبدل المكان ولا لتغير الأحوال، وأن ما ثبت فهو ثابت أبدًا، في كل زمان وفي كل مكان وعلى كل حال، حتى يأتي نص ينقله عن حكمه في زمان آخر أو مكان آخر أو حال أخرى" (?).

منافاة الابتداع:

من ضوابط التجديد الهامة أنه يضاد الابتداع تمامًا، فالتجديد والابتداع ضدان ليس فقط لا يجتمعان، بل إن كل واحد منهما ينفي الآخر ويصادمه ويهدمه. وقد يخلط بعض الناس أن التجديد هو الإتيان بجديد، وهو بذلك يشتبه عليهم بالابتداع. لكن جديد التجديد هو ما كان له أصل، وذلك معنى جديد كما سبق توضيحه في مباحث اللغة، أما جديد الابتداع فهو ما لا أصل له سابق، وهو الجديد المذموم إذ لم يقم على دليل شرعي يسنده. وسيأتي في الفصل القادم أن من مجالات التجديد الهامة تصحيح الانحرافات والبدع.

من هو المجدد:

إن الإجابة على هذا السؤال ستساعدنا أكثر في استجلاء نظرة السلف إلى ماهية التجديد. وقد اختلف السلف فيما بينهم في تحديد من هو المجدد في كل قرن، يقول ابن كثير: "قد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث" (?)؛ يعني حديث: "إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد الدين". وسنرى بعد قليل القوائم التي ضمت أسماء المجددين.

وهذا الاختلاف في تحديد أسماء المجددين يفرض على الذهن تساؤلًا: كيف يعرف المجدد؟ وهل من وسيلة إلى أن نعلم من هو مجدد القرن؟

من الظاهر أنه لا سبيل إلى القطع والجزم، إنما يرجع في تحديد المجدد إلى غلبة الظن باستقراء قرائن أحواله ومدى الانتفاع به (?). وإذا كان تعيين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015