ألفاظ القرآن والحديث تؤخذ من لغة العرب في عهد ظهور الإسلام، وليس بحسب ما تولَّد بعد ذلك واستجد فيها من معان. وقد قامت جهود ضخمة لحفظ لغة القرآن وبقائها حية مستمرة، مع تطاول العهد وتطور اللسان العربي وتغيره.
ومن ضوابط فهم النصوص أيضًا أن تفهم في حدود المعاني التي فهمها السلف من الصحابة والتابعين ومن تبع نهجهم من العصور التالية، حسب ما أشار إليه قول ابن تيمية المنقول في الفقرة السابقة. ولا يعني ذلك جمود معاني القرآن على التراث المنقول عن السلف، إذ أن معاني القرآن يمكن أن تتسع وتستوعب معانٍ جديدة بحسب اتساع المعارف والتجارب البشرية المتراكمة، لكن اتساع معاني القرآن هذا ينبغي أن يكون أساسه ما فهمه السلف من المعاني، ولا يكون مناقضًا ومخالفًا لها. فتظل معاني السلف للنصوص هي الأصل والمحور الذي يتسع وينساح لكل جديد من علوم ومعارف.
ومن ضوابط فهم النصوص أن تقرأ في ضوء الظروف والأحوال التاريخية التي صاحبت نزولها، وهو ما يعرف بأسباب النزول وفيه مؤلفات كثيرة شائعة وكتب التفسير وشروح الحديث تنقله وترويه؛ لأنه من أسس الوقوف على المعاني وإزالة ما يلابسها من الإشكال والغموض. قال ابن دقيق العيد: "بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن"، وقال ابن تيمية: "معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب" (?).
ومن ضوابط فهم النصوص أن تعتبر وحدة متكاملة، يفهم بعضها في سياق البعض الآخر، ذلك أن بعضها يبين بعضًا، وكلها من معين واحد لا تناقض فيه ولا اختلاف، كما قال الله تعالى في وصف القرآن: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]. ولهذا يقول ابن تيمية في كتابه "أصول التفسير": "فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر. فإن أعياك ذلك فعليك بالسُّنَّة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أَبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: