إصلاحه وتجديده، وبخاصة كتابه "إحياء علوم الدين"، قد شابه كثير من الدخن والبدع بسبب اعتماده على الأحاديث الضعيفة وشحن كتابه بها، كما سيأتي بيانه لاحقًا في دراسة آثار المجددين في الفصل الثاني من هذا الباب. فلابد للتجديد أن ينضبط بالنصوص الحديثية الصحيحة وإلا لم يكن تجديدًا بالمعنى الصحيح.
اتباع مناهج علمية في فهم النصوص:
إذا كان القرآن والحديث هما المصدران الأساسيان للدين، فإن توثيق نصوصهما وحفظهما من الضياع ركن أساسي لأي تجديد للدين. لكن مما لا شك فيه أن النصوص ليست حروفًا وألفاظًا وأصواتًا، إنما النصوص معانٍ ومفاهيم، ولهذا فإن بقاء أي دين وتجديده ودوامه إنما يكون بفهم نصوصه الأصلية فهمًا صحيحًا، وحفظ معانيها السليمة وعدم تحريفها وتغييرها وتبديلها. ومثل ما توفرت لضبط نصوص القرآن ونصوص الحديث وتوثيقها، مناهج علمية معروفة في علوم القرآن وعلوم الحديث، كذلك توفرت لضبط فهم النصوص وتأصيل معانيها، مناهج علمية معروفة في أصول تفسير القرآن وفي أصول الفقه. هذه الضوابط العلمية لفهم النصوص من أهم ضوابط التجديد السليم التي ينبغي له أن ينضبط بحدودها ولا يتجاوزها وإلا كان تحريفًا وانحرافًا. وليس القصد هنا استقصاء هذه الضوابط وإنما تكفي الإشارة لأهمها (?).
من أول ضوابط فهم نصوص القرآن والحديث أن اللغة العربية هي المفتاح لمدلولاتها ومعانيها، والمقصود بها اللغة التي كان يتحدث بها العرب في عهد نزول القرآن. يقول ابن تيمية: "يحتاج المسلمون إلى شيئين: أحدهما: معرفة ما أراد الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بألفاظ الكتاب والسُّنَّة، بأن يعرفوا لغة القرآن التي بها نزل، وما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين فى معاني تلك الألفاظ، فإن الرسول لما خاطبهم بالكتاب والسُّنَّة عرَّفهم ما أراد بتلك الألفاظ، وكانت معرفة الصحابة لمعاني القرآن أكمل من حفظهم لحروفه، وقد بلَّغوا تلك المعاني إلى التابعين أعظم مما بلَّغوا حروفه" (?). وحسب هذا الضابط فإن معاني