والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيرًا أو منقوصًا مع العناية الصادقة والضبط الشديد" (?). وحاول بعض المستشرقين في العصر الحاضر إثارة شبهات حول توثيق نص القرآن، ولكنهم عجزوا أن يأتوا بدليل علمي مقبول، مع كثرة البحث والتنقيب وجمع مخطوطات القرآن القديمة ومقابلتها مع بعضها البعض.

ومع سلامة نص القرآن الكريم من التحريف وثبوته، فإن ذلك يشمل القراءات برواياتها ووجوهها المنقولة الثابتة بضوابطها المتفق عليها، حسب ما صرح به علماء القراءات وجهابذتهم. ومن أولئك الإمام ابن الجزري الذي قال في أول كتابه عن القراءات: "كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالًا، وصح سندها فهي القراءة الصحيحة، التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووجب على الناس قبولها، سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة، أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة، سواء كانت عن السبعة أم عمَّن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف" (?). فكل قراءات القرآن يعتمد عليها في فهم الدين وفقهه وأحكامه وتجديده وإحيائه.

أما ضبط نصوص الحديث وتوثيقها فقد توفرت له جهود ضخمة ممتدة من العصور الأولى حتى عصرنا الحاضر، وتمخضت تلك الجهود في حفظ نصوص الحديث وتنقيتها مما شابها من وضع وزيادة وتحريف، وتدوينها في دواوين متداولة معروفة، من كتب الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها. ومع كثرة التنقيح والتمحيص فلا تزال كثير من الأحاديث الواهية الضعيفة بل الموضوعة منتشرة ومشتهرة، وإذا اعتمد التجديد على نصوص حديثية غير صحيحة ولا موثقة، فإنه يكون تجديدًا أعرج قد يفسد أكثر مما يصلح. وهذا مجدد القرن الخامس الهجري أَبو حامد الغزالي، مع الاعتراف له بالفضل وبكثير من المزايا، إلا أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015