أو إنهاء عقود المعاملات المالية، مثل البيع أو ألفاظ الطلاق، فهذه يراعى فيها العبارات التي يعتادها الناس والاصطلاحات التي يستعملونها في كل عصر. ومن الأمثلة أيضًا للعوائد التي تتغير ويكون لها تأثير العادات الخاصة بالزواج مثلًا، فهذه قد تختلف من عصر إلى عصر، أو من بلد إلى بلد، فإذا كانت العادة مثلًا أن يدفع المهر كاملًا قبل الزواج، أو الهدايا التي تدفع للعروس تكون من ضمن المهر، فلهذه العادات تأثير في الأحكام الشرعية.
أما العادات والأعراف التي تنشئها الشريعة وتعتبرها من المحاسن أو تذمها وتعدها من القبائح، فهذه لا تتبدل ولا تتغير بل هي ثابتة، وفيما يلي عبارة الإمام الشاطبي التي شرح فيها هذه القضية (?):
يقول: "العوائد المستمرة ضربان، أحدهما: العوائد الشرعية التي أقرها الدليل الشرعي أو نفاها، ومعنى ذلك أن يكون الشرع أمر بها إيجابًا أو ندبًا، أو نهى عنها كراهة أو تحريمًا، أو أذن فيها فعلًا وتركًا. والثانية: هي العوائد الجارية بين الخلق بما ليس في نفيه وإثباته دليل شرعي.
فأما الأول: فثابت أبدًا كسائر الأمور الشرعية. . . فهي إما حسنة عند الشارع أو قبيحة. . . فلا تبديل لها. . . فلا يصح أن ينقلب الحسن فيها قبيحًا ولا القبيح حسنًا. . . إذ لو صح مثل هذا لكان نسخًا للأحكام المستقرة المستمرة والنسخ بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - باطل؛ فرفع العوائد الشرعية باطل".
أما الثانية: فهي عند الشاطبي المتبدلة ثم ضرب لها أمثلة كما سقناها.
رأي الطوفي في أثر المصلحة في تغير الأحكام:
أسلفنا القول: إن الحكم الذي جاء به نص حكم ثابت لا يتغير لأن المصلحة التي يحققها مصلحة ثابتة لا تتغير، وقد ظل هذا هو الرأي السائد الوحيد بين الدوائر العلمية، لا يشذ عنه فقيه ولا يعرف أحد رأيًا غيره، حتى نشرت مجلة المنار في أوائل هذا القرن رأيًا مهجورًا لأحد فقهاء القرن السابع الهجري، وهو نجم الدين الطوفي ذكرت المجلة أنه تحدث عن المصلحة بما لم تر مثله لغيره من الفقهاء (?).