ثبت فهو ثابت أبدًا، في كل زمان وفي كل مكان وعلى كل حال، حتى يأتي نص ينقله عن حكمه في زمان آخر أو مكان آخر أو حال أخرى" (?).
وعلى هذا فإن القاعدة الفقهية (لا ينكر تغير الأحكام بتبدل الزمان) قد وضعها الفقهاء للقسم الثاني من الأحكام، وهي الأحكام التي لا تستند مباشرة على نص شرعي، بل مصدرها عرف أو مصلحة سكتت عنها النصوص. وهذه القاعدة هي إحدى قواعد المجلة وقررتها المادة 39، وقد جاء شرح هذه القاعدة بقصرها على الأحكام التي لم تستنبط من النصوص (?)، وعلى هذا استقر فهم الفقهاء. يقول الدكتور مصطفى الزرقاء في بحثه لهذا الموضوع:
"من المقرر في فقه الشريعة أن لتغير الأوضاع والأحوال الزمنية تأثيرًا كبيرًا في كثير من الأحكام الشرعية الاجتهادية، وعلى هذا الأساس أسست القاعدة الفقهية القائلة "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان". وقد اتفقت كلمة فقهاء المذاهب على أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الزمان واختلاف الناس هي الأحكام الاجتهادية من قياسية ومصلحية وهي المعنية بالقاعدة الآنفة الذكر، أما الأحكام الأساسية التي جاءت الشريعة لتأسيسها وتوطيدها بنصوصها الأصلية فهذه لا تتبدل بتبدل الأزمان بل هي الأصول التي جاءت بها الشريعة لإصلاح الأزمان والأجيال" (?).
أثر العرف في تغير الأحكام:
ويزيد الإمام الشاطبي أحد علماء أصول الفقه المتمكنين مسألة تأثير العرف في تغير الأحكام شرحًا وتوضيحًا، فيبين أن العادات والأعراف المتبدلة هي الأعراف التي لم تنشئها الشريعة أصلًا، ولم تتعرض لها إطلاقًا لا بمدح ولا ذم، إنما أنشأها الناس بأنفسهم نتيجة العلاقات الاجتماعية بينهم. فهذه هي التي يؤثر تغيرها في أحكامها الشرعية فيتغير حكمها تبعًا لتغيرها. وضرب بعض الأمثلة على ذلك منها على سبيل المثال العبارات التي يكون لها تأثير في إنشاء