التجديد يعني الإحياء والإعادة:
من مجموع ما جاء سابقًا من استعمال كلمة تجديد في اللغة وفي القرآن وفي الحديث، يتضح أن كلمة التجديد تدل على الإحياء والبعث والإعادة، وأن هذا المعنى يكون في الذهن تصورًا من ثلاثة عناصر: وجود وكينونة، ثم بلى ودروس، ثم إحياء وإعادة.
آراء السلف عن التجديد:
المفهوم السليم للتجديد هو ذلك المعنى الذي كان يقصده الرسول - صلى الله عليه وسلم -، حين أخبر أصحابه بنبوءة بعث الله على رأس كل مائة سنة من يجدد للأمة دينها، وأحق الناس بتوضيح المفهوم النبوي الكريم لهذا المصطلح هم السلف.
وكلمة سلف معناها في الأصل تقدم، فالسلف هم الجماعة المتقدمون، وسلف الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه وذوي قرابته، ولهذا سمي الصدر الأول من الصحابة والتابعين السلف الصالح (?)، وأصبح لفظ السلف مصطلحًا يقصد به الصحابة -رضوان الله عليهم-، والتابعون لهم بإحسان، وأتباعهم، ومن تلاهم من أئمة الدين ممن شهد له بالإمامة وعرف عظم شأنه في الدين، وتلقى الناس كلامه بالقبول، ولم يرم بانحراف أو بدعة (?).
وقد تناثرت آراء السلف عن التجديد في كتب الحديث وشروحها، وكتب الطبقات والتراجم، وقد أراد الإمام ابن حجر (773 - 852 هـ) أن يفرد هذا الموضوع بالتأليف، وأبدى هذه الرغبة قائلًا: "لعل الله إن فسح في المهلة أن يسهل لي جميع ذلك في جزء مفرد" (?)؛ ولكن لم أعثر على شيء من ذلك، ولعل الكتاب مفقود منذ زمن بعيد (?)، أو لعله لم ير النور. وللسيوطي (ت 911 هـ) وريقات عن المجددين بعنوان: "التنبئة فيمن بعثه الله على رأس كل مائة" (?).