في هذا الحديث نلمح المعاني الثلاثة المترابطة التي ترد إلى الذهن عند ذكر التجديد، فهناك إيمان قد دخل قلب صاحبه واستقر فيه، ثم هو لا يستمر على حالة واحدة، بل هو ينقص ويخلق مثل الثوب الذي يبلى ويخلق، ثم هو يرجى بالدعاء أن يتجدد في القلب بأن يعود إلى مثل حالته الأولى أو أفضل.
الحديث الثاني: روى أحمد بن حنبل عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جددوا إيمانكم"، قيل: يا رسول الله، وكيف نجدد إيماننا؟ قال: "أكثروا من قول لا إله إلا الله" (?).
وفي هذا الحديث يتكرر لفظ تجديد الإيمان ويشار إلى أن تجديده يكون بالإكثار من قول لا إله إلا الله، إذ أن شهادة لا إله إلا الله، هي علامة الإيمان، وكلما أعاد المرء هذه الشهادة أعاد تأكيد ما دخل في قلبه أول مرة.
الحديث الثالث: روى أحمد بن حنبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وإن طال عهدها -وفي رواية: قدم عهدها- فيحدث لذلك استرجاعًا، إلا جدد الله له عند ذلك؛ فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب بها" (?).
هذا الحديث عن مسلم، أو مسلمة، أصيب بمصيبة، ولكنه صبر عليها واسترجع حين وقوعها قائلًا: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، وبعد أن مضى عليها وقت ذكرها، فإذا أحدث عند ذكرها استرجاعًا وجدده، شكر الله له صنيعه ذلك وجدد له الثواب، وعاد إلى إعطائه مثل ما أعطاه من أجر يوم أصيب بها. ومن ثنايا المعاني التي يشير إليها هذا الحديث نلمح معنى التكرار والإعادة الذي يتضمنه تجديد الثواب كلما أعيد الاسترجاع.
الحديث الرابع: روى أحمد بن حنبل عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسبوا الدهر، فإن الله -عز وجل- قال: أنا الدهر، الأيام والليالي لي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك" (?).
وفي هذا الحديث يرد لفظ تجديد الأيام والليالي، فالأيام والليالي تذهب وتعود، فكلما ذهب يوم فقد بلي، وكلما عاد يوم مثله فقد تجدد.