ومن الحيل التي يسوقها هؤلاء دعواهم أن الجهاد حق وواجب وأنه طريق الخلاص ولكن ليس الآن وقته، فالمرحلة الآن مرحلة الإعداد، والمرحلة الآن مرحلة التفرغ للدعوة، إلى آخر هذه الدعاوى.

ويجادلون عن هذه الشبهة جدالاً شديداً، ولكنهم يتهربون من السؤال المحرج الخطير: لماذا بعد كل هذه العقود من المذلة لم تعدوا شيئاً؟ ومتى سينتهى هذا الإعداد؟ ولا جواب عندهم لأن الإعداد عندهم لا نهاية لمدته. قال الله تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة:46].

وليتهم حتى أصلحوا عقائد الناس، وبينوا لهم عقيدة التوحيد الصافية كما أنزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -،وكما نقلها السلف الصالح، ولكنهم – وللأسف - يبدون بعضها ويخفون كثيراً منها.

فجل كلامهم في التوحيد ينصب على العامة والضعفاء، أما خروج الحكام الطواغيت عن الإسلام وموالاتهم لليهود والنصارى فلا يتطرقون إليه.

ومن العجب أن بلاد الإسلام واقعة تحت النفوذ الأجنبي منذ عقود، وليس الوجود العسكري الاحتلالي الصليبي الحالي نتيجة مفاجأة أو انقلاب طارئ في السياسة الدولية، بل هو ثمرة سياسة مستمرة من التبعية للغرب تمتد لما يزيد عن مائة عام، ومع ذلك لم نسمع من هؤلاء عن هذه المصيبة شيئاً إلا نادراً وبإشارات عابرة وبعيدة.

وتارة يشغبون بقولهم إن المجاهدين لا يقدرون المصالح والمفاسد، وأن ما جلبوه من المفاسد أكثر مما حققوه من المصالح، ولكنهم لا يجيبون على السؤال المحرج: حسناً، وما هو الأسلوب الجهادي الذي تقترحونه والذي يحقق المصالح ويتجنب المفاسد؟

والجواب عندهم هو: ترك الجهاد.

وإذا سألتهم: لو فرضنا أن المجاهدين لم يقوموا بواجبهم، وانضموا إلى صفكم، صف القاعدين التاركين للجهاد تحت شتى المبررات، فهل كان أعداء الأمة سيتوقفون عن عدوانهم؟

وهل كان الفساد والإفساد سينحسر؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015