يَعْنِي: عَنْ صِحَّتِهَا وَحَقِّيَتِهَا, قُولُ: لَا تَعَرَّضُوا لِغَضَبِ اللَّهِ بِإِيجَابِكُمُ الْحُجَّةَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي تَقَدُّمِكُمْ عَلَى مَا نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ مُوَالَاةِ أَعْدَائِهِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ. (?)
وقال السعدي:" لما ذكر أن من صفات المنافقين اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، نهى عباده المؤمنين أن يتصفوا بهذه الحالة القبيحة، وأن يشابهوا المنافقين، فإن ذلك موجب لأن {تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا} أي: حجة واضحة على عقوبتكم، فإنه قد أنذرنا وحذرنا منها، وأخبرنا بما فيها من المفاسد، فسلوكها بعد هذا موجِب للعقاب. وفي هذه الآية دليل على كمال عدل الله، وأن الله لا يُعَذِّب أحدا قبل قيام الحجة عليه، وفيه التحذير من المعاصي، فإن فاعلها يجعل لله عليه سلطانا مبينا." (?)
لقد أخذ الحق على المنافقين أنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون الله، وكذلك أخذ المؤمنون على المنافقين أنهم اتخذوا من معسكر الكفر ولياً لهم من دون الله ومن دون المؤمنين، ولهذا فأولى بالمؤمنين ألا يصنعوا ذلك، ويوضح سبحانه: لقد أخذنا على المنافقين أنهم اتخذوا الكافرين أولياء من دون الله، فإياكم أن تفعلوا مثلهم.
{يَا أَيُّهَا الذين آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الكافرين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ المؤمنين أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً}.
وهذا أمر منطقي يستقيم مع منهج الإيمان، لأنكم إن فعلتم ذلك. فإنما تقدمون الحجة ليعذبكم الله، وتعلمون أن المنافق يعلن الإيمان بلسانه ويخفي الكفر في قلبه، فكيف يكون وضع المؤمن مع الكافر مثل وضع المنافق مع الكافر؟ ذلك أمر لا يستقيم. ومن يفعل ذلك إنما يقدم حجة لله ليعذبه.
الحق سبحانه في إرساله للرسل وفي تأييد الرسل بالمعجزات وفي إرساله المناهج المستوفية لتنظيم حركة الإنسان في الحياة، كل ذلك ليقطع الحجة على الناس حتى لا يقولن واحد: أنت لم تقل لنا يارب كيف نسير على منهج ما، لذلك لم يترك - سبحانه - الإنسان ليفكر بعقله ليصل بفكره إلى وجود الله، ويكتشف أن هناك خالقا للكون. لم