أما نسخة باريس 1702 (وقد رمزنا لها بحرف س) فهى - كما بينت في مقدمة الجزء الأول - أسوأ النسخ، فهى مضطربة الترتيب والصفحات، وبها خروم كثيرة (?)، وكاتبها جاهل كثير الأخطاء.

ومع هذا فإن نسختى كمبردج وباريس لم تخلوا من الفائدة، فقد أعانتانى أحيانا على قراءة ما تعسر علىّ قراءته في نسخة الأصل، وكانت بهما أو باحداهما زيادات تنور النص فأضفتها أتماما للفائدة مع التنبيه دائما في الهوامش إلى الفروق الواضحة بين النسخ الثلاث.

ومن الأسباب التي دفعتنى إلى اختيار نسخة مللاجلبى أصلا للنشر - إلى جانب صحة النص واستيفائه ودقته - أنها أقدم النسخ الموجودة جميعا، بل إننى أرجح أنها كانت نسخة المؤلف نفسه أو أنها كتبت أثناء حياته، فقد كتب اسم المؤلف على الصفحة الأولى وتحته «عفا الله عنه»، والعادة أن الناسخ إذا كتب الكتاب بعد وفاة مؤلفه أن يدعو له بالرحمة، فيتبع اسمه بالدعاء المعروف «رحمه الله»، أما النص تحت عنوان الكتاب فهو:

«تأليف الفقير إلى رحمة الله تعالى محمد بن سالم بن نصر الله بن سالم ابن واصل عفا الله عنه».

ومما يرجح هذا الظن ويؤكده أن نفس الصفحة تحمل بعد ذلك اسم مواطن للمؤلف من حماة تملك النسخة بعد وفاة المؤلف بخمس وأربعين سنة فقط (أي في سنة 742)، كما تحمل اسم عالم آخر قريب للسابق نص على قراءته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015