وأشار ابن واصل إلى الرسائل التي أرسلها صلاح الدين عندما اشتد به الضيق أثناء حصار عكا إلى خليفة المغرب الموحدى يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن يسأله فيها أن يمده بمدد من أسطوله (?)، وإلى علاقات الود التي قامت بين صلاح الدين وامبراطور بيزنطة والرسائل المتبادلة بينهما، وإقامة الخطبة لصلاح الدين على منبر المسجد الموجود في القسطنطينية؛ وإلى علاقاته بدولة سلاجقة الروم المجاورة لملكه، وبسلاطينها.
وهذا الجزء يعنى أيضا بالحديث عن علاقات الخصومة والعداء بين صلاح الدين والإمارات الصليبية، ثم بينه وبين الحملات الصليبية وملوك أوربا الذين تزعموا هذه الإمارات وهذه الحملات في نضالها.
ولم تكن حياة صلاح الدين جهادا وحربا كلها، بل لقد كان الرجل منشئا بين المنشئين، وبنّاء بين البنائين، وراعيا للعلم والحضارة بين الراعين، لهذا نجد في هذا الجزء إشارات كثيرة لمنشآته وعمائره ومبانيه في مدن مصر والشام المختلفة من مدارس وخانقاوات وبيمارستانات وقلاع وأسوار، وخاصة في القاهرة والإسكندرية ودمياط وأيلة والقدس ودمشق. . . إلخ.
وقد أفلح ابن واصل في رسم صورة واضحة لصلاح الدين البطل المجاهد، والإنسان، والقائد المحارب، والزاهد المتعبد، والعالم المحصل الذى يسعى لسماع الحديث وكتاب الموطأ على المحدثين الكبيرين السلفى وابن عوف، والذى يرعى العلم والعلماء.
وهذا الجزء سجل كبير لدراسة حياة كبار رجال الدولة من الأسرة الأيوبية من أمثال: تقى الدين عمر بن شاهنشاه - ابن أخى صلاح الدين -، وتاج الملوك بورى وشاهنشاه، وطغتكين، وتورانشاه، والعادل أبى بكر - أخوة