يباشر القتال بنفسه، فكان يقول: «طالما تعرّضت للشهادة فلم أدركها»؛ وسمعه الفقيه قطب الدين النيسابورى يقول ذلك، فقال له: «بالله لا تخاطر بنفسك وبالإسلام والمسلمين، فإنك عمادهم، ولئن أصبت والعياذ بالله في معركة، لا يبقى من المسلمين أحد إلا أخذه السيف، وأخذت البلاد والإسلام». فقال له: «يا قطب الدين، ومن محمود حتى يقال له هذا؟ قبلى من حفظ البلاد والإسلام؟ ذلك الله الذى لا إله إلا هو».
ومن آرائه الحسنة ما كان يعتمده في أمر أجناده؛ فإنه كان إذا توفى أحدهم وخلّف ولدا ذكرا أقرّ الإقطاع عليه، فإن كان الولد كبيرا استبد بنفسه، وإن كان صغيرا رتّب معه رجلا عاقلا يثق إليه، فيتولى أمره إلى أن يكبر، فكان الأجناد يقولون: [164] «هذه أملاكنا يرثها الولد عن الوالد، فنحن نقاتل عليها»، وكان ذلك من أعظم الأسباب لصبر الجند في المشاهد والحروب بين يديه؛ وكان أيضا يثبت أسماء أجناد كل أمير في ديوانهم: دوابهم وسلاحهم خوفا من حرص بعض الأمراء وشحه أن يحمله ذلك على أن يقتصر على بعض ما هو مقرر عليه من العدد، وكان يقول: «نحن كل وقت في النفير، فإذا لم يكن أجناد كافة الأمراء كاملى العدد دخل الوهن على الإسلام» (?).
(?) وأما صدقاته ومعروفه وإحسانه فذكر عماد الدين الكاتب، قال: «حسبنا ما تصدق به على الفقراء في شهر فزاد على ثلاثين ألف دينار»؛ وكانت عادته في الصدقة أن يحضر جماعة من أماثل البلد من كل محلة ويسألهم عمن يعرفون في جوارهم