وبعد، فقد اتضح على الأفهام، وصح عند الخاص والعام، ما نغاديه ونراوحه، ونماسيه ونصابحه، ونشتغل به عامة أوقاتنا، ونعمل فيه رويتنا وأفكارنا، ونستنقذ بالاهتمام به ساعاتنا ولحظاتنا من الاجتهاد في إحياء سنة حسنة (?)، يكون لنا أجرها وأجر من عمل بها، وإماتة سنة سيئة نخلص من عظيم وزرها ووخيم خزيها، وإزالة مظلمة مظلمة وطّد الجور أساسها، ومحو سيرة مؤلمة أبرم الحيف أمر اسمها، ليعم الرعايا لباس (?) الفضل والامتنان، ويفيض على البرايا سجال العدل والإحسان، ليصبحوا من حياض الأمن دارعين (?)، وفى رياض الدعة وادعين، لا يجدون للنعم عندهم تبديلا ولا تغييرا، ولا يرون لصافى شربهم تصريدا ولا تكديرا ولا يظلمون نقيرا، فما يسفر صبح، ولا يعتكر جنح، إلا ولله علينا نعمة لا نستطيع الإحاطة بشكرها، ولا نطيق قدرها لحق قدرها، فيما يوفقنا له من فعل الخيرات، ويلهمنا إياه من إزالة المنكرات، ويهدينا إليه من الأعمال الصالحات، وينقذنا به من الموارد المهلكات، ويوضحه لنا من الطريق إلى رضاه (?)، ويبعثنا (?) به على الجد في عبادته [161] وتقاه، فالحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله.
وقد علمتم معاشر الرعايا - وفقكم الله ورعاكم - ما كان مرتبا من المظالم المجحفة بأحوالكم، والمكوس المستولية على شطر أموالكم، والرسوم المضيّقة عليكم في أرزاقكم، والمؤن التي (?) تساهمكم في منافع أملاككم، واستمرار ذلك عليكم