لاشتدَّت حاجتُه إليه، ولم يَقُم مقامه شيءٌ في حكِّ بدنه، ثمَّ هدى (?) اليدَ إلى موضع الحكِّ حتى تمتدَّ إليه ولو في النَّوم والغفلة من غير حاجةٍ إلى طلب، ولو استعان بغيره لم يَعْثُر على موضع الحكِّ إلا بعد تعبٍ ومشقَّة!
ثمَّ انظر إلى الحكمة البالغة في جَعل عظام أسفل البدن غليظة قويَّة؛ لأنها أساسٌ له، وعظام أعاليه دونها في الثَّخانة والصَّلابة؛ لأنها محمولة.
ثمَّ انظر كيف جَعَل الرَّقبة مَرْكبًا للرأس، وركَّبها من سبع خَرَزاتٍ (?) مجوَّفاتٍ مستديرات، ثمَّ طبَّق بعضها على بعض، وركَّب كلَّ خَرَزةٍ على صاحبتها (?) تركيبًا محكمًا متقنًا حتى صارت كأنها خرزةٌ واحدة، ثمَّ ركَّب الرَّقبة على الظَّهر والصَّدر، ثمَّ ركَّب الظَّهر من أعلاه إلى منتهى عَظم العَجُز من أربع وعشرين خرزةً مركَّبة بعضها في بعضٍ هي مَجْمَعُ أضلاعه والتي تمسكُها أن تنحَلَّ وتنفصل، ثمَّ وَصَل تلك العظام بعضها ببعض؛ فوصل عظامَ الظَّهر بعظام الصَّدر، وعظامَ الكتفين بعظام العَضُدَين، والعَضُدَين بالذِّراعين، والذِّراعين بالكفِّ والأصابع.
وانظر كيف كسا العظامَ العريضةَ كعظام الظَّهر والرأس كسوةً من اللحم تناسبُها، والعظامَ الدَّقيقةَ كسوةً تناسبها كالأصابع، والمتوسِّطةَ كذلك كعظام الذِّراعين والعَضُدَين، فهو مركَّبٌ على ثلاث مئةٍ وستِّين عظمًا؛ منها مئتان وثمانيةٌ وأربعون مفاصل، وباقيها صغارٌ حُشِيَت خِلال المفاصل، فلو زادت