فوقهما من الشارب وتحتهما من العَنْفَقَة.
وكذلك خَلْقُه سبحانه لليدين اللتين هما آلةُ العبد وسلاحُه ورأسُ ماله ومعاشُه (?)، فطوَّلهما بحيث يَصِلان إلى ما شاء من بدنه، وعرَّض الكفَّ ليتمكَّن بها من القبض والبسط، وقسَّم فيه الأصابعَ الخمس، وقسَّم كلَّ إصبعٍ بثلاث أناملَ والإبهامَ باثنتين، ووضعَ الأصابعَ الأربعةَ في جانبٍ والإبهامَ في جانب؛ لتدور الإبهامُ على الجميع؛ فجاءت على أحسن وضعٍ صَلحت به للقبض والبسط ومباشرة الأعمال، ولو اجتمع الأولون والآخِرون على أن يستنبطوا بدقيق أفكارهم وضعًا آخر للأصابع سوى ما وُضِعَت عليه لم يجدوا إليه سبيلًا.
فتبارك من لو شاء لسوَّاها وجَعَلها طَبَقًا واحدًا كالصَّفيحة، فلم يتمكَّن العبدُ بذلك من مصالحه وأنواع تصرُّفاته ودقيق الصَّنائع والخطِّ وغير ذلك، فإن بَسَط أصابعه كانت طَبَقًا يضعُ عليه ما يريد، كان ضمَّها وقبضَها كانت دبُّوسًا (?) وآلةً للضَّرب، وإن حَعَلها بين الضَّمِّ والبسط كانت مِعْرَفةً له يتناولُ بها ويمسكُ فيها ما يتناولُه.
وركَّبَ الأظفارَ على رؤوسها زينةً لها وعِمادًا (?) ووقاية، وليلتقط بها الأشياء الدَّقيقة التي لا ينالها جسمُ الأصبع، وجَعَلها سلاحًا لغيره من الحيوان والطَّير، وآلةً لمعاشه، وليَحُكَّ الإنسانُ بها بدنه عند الحاجة؛ فالظُّفرُ الذي هو أقلُّ الأعضاء وأحقرُها لو عَدِمَه الإنسانُ ثمَّ ظهرت به حِكَّةٌ