قيل: مجرى الفكر ومتعلَّقُه أربعةُ أمور:
أحدُها: غايةٌ محبوبةٌ مرادةُ الحصول.
الثاني: طريقٌ موصلةٌ إلى تلك الغاية.
الثالث: مضرَّةٌ مطلوبةُ الإعدام مكروهةُ الحصول.
الرابع: الطريقُ المفضي إليها المُوقِعُ عليها.
فلا تتجاوزُ أفكارُ العقلاء هذه الأمورَ الأربعة، وأيُّ فكر تخطَّاها فهو من الأفكار الرديَّة والخيالات والأماني الباطلة، كما يُمثِّلُ الفقيرُ المُعدِمُ نفسَه من أغنى البشر وهو يأخذُ ويعطي ويُنعِمُ ويحرِم، وكما يُمثِّلُ العاجزُ نفسَه من أقوى الملوك وهو يتصرَّفُ في البلاد والرعيَّة، ونظائرُ ذلك من أفكار القلوب الباطوليَّة (?) التي من جنس أفكار السَّكران والمَحشوش (?) والضعيف العقل.
فالأفكارُ الرديَّةُ هي قُوتُ الأنفس الخسيسة (?) التي هي في غاية الدناءة؛ فإنها قد قَنِعَت بالخيال ورضيت بالمُحال، ثمَّ لا تزالُ هذه الأفكارُ تقوى بها وتتزايدُ حتى تُوجِبَ لها آثارًا رديَّةً ووساوسَ وأمراضًا بطيئةَ الزوال.
وإذا كان الفكرُ النافعُ لا يخرجُ عن الأقسام الأربعة التي ذكرناها، فله